«إما حرية تعبير أو فلتكن الكلمة مسيرة باتجاه واحد»... خياران يجد الصحافيون أنفسهم ضائعين بينهما، كون القرار الحاسم بيد الحكومة، التي تبدو هي الأخرى ضائعة بين مطرقة الأول وسندان الآخر. فمن جهة هي تريد لهذا البلد أن يرقى إلى مصاف الدول «الديمقراطية» بكل ما تحمل الكلمة من معنى. ومن جهة أخرى، هي لا تريد للكلمة أن تسير في اتجاه يخالف اتجاهها، فتراها تفرض القيد تلو الآخر، فتحظر على الصحافة تداول بعض القضايا هي في الأساس «منتشرة» ومحل جدل عام، وأجلها قضية «التقرير المثير» الذي لجأت الصحافة إلى صبغه بتلك الصبغة حتى تتجنب وقوعها في «محظور الحكومة»، متجاهلة أنها بذلك تجعلنا في موقف «الغبي» أمام أناس حفظوا «التقرير» ووقفوا على حيثياته، وحلله كل منهم بحسب توجهه.
سوق الصحافة في توسع وهو توجه تدعمه الحكومة، ولكنه يفرض حتمية التنوع، ليس فقط في الموضوعات المطروحة، وإنما في طريقة تناول القضية الواحدة. ومدى «الصراحة» المكشوفة على الورق هي الفاصل في توجه القارئ إلى هذه الصحيفة دون الأخرى، فإن استمر الوضع بـ «نسخنا» و «تسييرنا»، لا أطننا بحاجة إلى أكثر من صحيفة واحدة! ألا يكفي قانون «معاقبة من يتعرض لأحد بالقذف والشتم والسب» ليكون هو ديدنا فيما نكتب؟ فدعونا نمارس «الصحافة الحقة» بنبش المستور وكشف الأمور (لحفظ ماء وجوهنا أمام من يظنون أنفسهم أعلم منا بما يجري، كوننا «مسيرين» خائفين على لقمة عيشنا) والمخطئ فينا حاسبوه.
إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"العدد 1710 - السبت 12 مايو 2007م الموافق 24 ربيع الثاني 1428هـ