يدخل موضوع استجواب وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله الذي تقدمت به كتلة الوفاق النيابية مرحلة حاسمة هذا الأسبوع، فعلى رغم أن السيناريوهات المتعلقة به كانت كثيرة، فإن عددها آخذ في التناقص شيئا فشيئا يوما بعد يوم. ولم يتبق أمامنا إلا انتظار سيناريو واحد منطقي ينهي كل ما حصل، يؤجل موضوع الاستجواب لجلسة الثلثاء من هذا الأسبوع، فيتم طلب إحالته على اللجنتين التشريعية والمالية لدراسته، فتطلب الحكومة تأجيله أسبوعين بحسب أحقيتها، وقبل أن ندري، ينتهي دور الانعقاد ويسقط الاستجواب.
كل السيناريوهات المتوقعة الأخرى على رغم احتمال حصولها لا تنهي الأمور إلا بكارثة، والكارثة ليست متوقعة الآن على الأقل، لأنها ليست من مصلحة أي طرف من الأطراف.
استنفرت «الوفاق» كل جهودها بعد أن فتحت ملفا بهذا الحجم والحساسية والأهمية أيضا لقطاع واسع من جمهورها، وبغض النظر عن أهدافها من طرح ملف الاستجواب الآنية أو اللاحقة، فقد وضعت نفسها في موقف لا تعرف نتائجه، ولابد أنها ستتذكره طويلا.
رد الفعل الأول والأهم تجاه انسحاب كتلة الوفاق من جلسة الثلثاء الماضية جاء من صاحب الشأن نفسه، الوزير عطية الله الذي كان صامتا منذ طرح طلب الاستجواب... صمتا مباشرا طبعا، فأصوات أتباعه والداعمين له لم تنقطع حتى يومنا هذا.
خرج الوزير على الرأي العام ليذكرنا بقوة وجرأة أيضا بمثل شعبي محبب «لا تبوق... لا تخاف»، فأصبح حديث المجالس بتلك الكلمات الأربع، مدافعا عن نفسه ببسالة في رد اشتمل على بعض التناقضات التي انتقدها معارضوه وطالبو استجوابه كثيرا، لكنه لم يتطرق فيه إلى فحوى نقاط الاستجواب التي تتمحور غالبتها في «مخالفات مالية»، واكتفى بأن شوقنا لمعرفة التفاصيل التي تبرئه من كل التهم التي وجهت إليه.
كان خط الدفاع الأول الذي اعتمد عليه الوزير في رده هو كون الاستجواب «سياسيا»، وهو ما أكدته «الوفاق» نفسها في ردها على الوزير بعد يوم من نشر رده. ولم يكن هناك داع لتبرير «الوفاق» أو لاتهام الوزير بتسييس الاستجواب، فبنظرة بسيطة يمكن أن نكتشف أن الاستجواب يحمل أبعادا أكبر من تلك المخالفات المالية التي قصرتها «الوفاق» في لائحة استجوابها. الاستجواب سياسي ليس فقط لأن هناك «اتهامات» للوزير بقيامه بالمخالفات المالية، فلطالما كثرت الاتهامات بشأن وزير أو آخر بقيامه بمخالفات مالية، على رغم عدم وجود قرائن على ذلك. المخالفات المالية للوزير- على رغم أهميتها - ليست هي القضية، القضية هي ارتباط اسم الوزير بـ «التقرير المثير» الذي منعت الصحافة قضائيا من النشر فيه. فكل الحساسية التي يتميز بها الموضوع، وكل الأهمية التي يحملها سواء للشارع أو للحكومة أو للكتل النيابية بما فيها «الوفاق» يرتبط ارتباطا وثيقا بهذا التقرير، لا يمكننا أن نتجاهل هذا الأمر كلما نظرنا إلى الموضوع نظرة فاحصة. ومهما تحدثت «الوفاق» عن مطالباتها ودافعت عن حيثيات استجوابها، فلا يجوز أن نغفل أن ما يحركها هو ارتباط اسم الوزير بذلك «التقرير المثير».
ليس علينا أن ننتظر طويلا لنعرف ما الذي سيحل بالاستجواب، فسريعا ما سنشاهد تفاعل كل الأطراف معه، المهم في ذلك كله هو موقف الشارع الذي يقف يراقب كل ما يجري من حوادث عن كثب ولسان حاله يقول «أين حقي في كل هذا». قام الشارع باستجوابه منذ زمن بعيد، وما تحريك هذا الملف «السياسي» إلا انعكاسا لاستجواب الشارع، وبغض النظر عما ستحققه، أو لا تحققه «الوفاق» من استجوابها، فقد تم الاستجواب وأصدر قطاع كبير من الشارع حكمه، ولو أردتم أن تعرفوا تلك النتيجة، فاسألوا الشارع... و «لا تبوق لا تخاف».
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 1709 - الجمعة 11 مايو 2007م الموافق 23 ربيع الثاني 1428هـ