أثناء زيارته لـ «طيران الخليج» أمس الأول، أكد سمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة سعي الشركة إلى إعادة الهيكلة من أجل تحويل الشركة من الخسارة إلى الربحية، مشيرا إلى أن التغييرات الجارية ستسعى إلى تقليل الضرر على البحرينيين، بحيث لا يدفع الإنسان العادي ثمن أخطاء إدارية سابقة.
على أن المبادرة المتخذة حاليا لإصلاح إدارة «طيران الخليج» إنما هي جزء من مبادرة أكبر يشرف عليها ولي العهد، بصفته رئيسا لمجلس التنمية الاقتصادية، وتهدف إلى إصلاح إدارات الشركات الكبرى التي تمتلك الحكومة أسهما فيها. ولقد تم تأسيس شركة «ممتلكات»، لهذا الهدف، بحيث تمسك الحكومة بالشركات الكبرى (ماعدا شركات النفط والغاز والبتروكيماويات التي تقع تحت مسئولية الوزير عبدالحسين ميرزا) وتديرها على أساس قوانين السوق، تماما كما لو أنها كانت في البورصة... بل إن الهدف النهائي هو نقل جزء كبير من أسهم الحكومة، أو جميع الأسهم، إلى البورصة(وإلى المواطنين من ذوي الدخل المحدود)، تماما كما حصل مع بيع الحكومة لحصتها في عقارات السيف.
الحكومة، ولكي تبيع أسهما في شركة ما، فإن عليها أولا أن تثبت أن الشركة تربح، وثانيا أن تكون هناك رغبة وملاءة مادية بحيث يتمكن المواطن من ذوي الدخل المحدود والمستثمرون الكبار من تغطية الاكتتاب المطروح. ولعل تجربة بيع أسهم عقارات السيف ستعتمدها شركة ممتلكات مؤشرا لاكتتابات مستقبلية.
عندما تتحول الأسهم إلى القطاع الخاص يمكن بعدها محاسبة إدارة الشركات عن أدائها، بعكس الوضع الذي ورثناه بالنسبة إلى عدد من الشركات الكبرى التي تختفي أساليب إداراتها خلف بيروقراطية قد تحمي ثقوبا سوداء وفسادا وهدرا في المال والثروات تحت عناوين وهمية وغير خاضعة للمساءلة.
إن إصلاح إدارات الشركات الكبرى سيحدث نقلة نوعية في طبيعة القرارات التي تتخذها تلك الشركات، وستنشط اقتصاد السوق، وسيتم الحد من الفساد الذي استشرى في أماكن عدة، كما هو الحديث عما كان يجري في «طيران الخليج». فتلك الشركة الرائدة تحولت - في جوانب منها - إلى دكاكين كبيرة وصغيرة لتمرير ثروات وخيرات البلاد إلى جهات هنا وهناك، وحتى «بعض الصغار» كانوا يصوغون قرارات تخدم مصالحهم، وهؤلاء إذا تم التعرف عليهم فيجب ألا تكون لهم حماية. أما الأكثرية والغالبية التي بذلت كل ما لديها بإخلاص فهي التي يجب أن تتم رعايتها أثناء إصلاح الإدارات، وفيما لو كان القرار بالاستغناء عن بعضها لأسباب موضوعية، فيجب أن تكون التعويضات كافية لأن يقف المرء على رجليه. إن إصلاح إدارة شركة كبرى، مثل «طيران الخليج»، سيعطي دافعا كبيرا إلى مبادرة تنشيط اقتصاد السوق في البحرين.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1709 - الجمعة 11 مايو 2007م الموافق 23 ربيع الثاني 1428هـ