اهتمت وكالات الأنباء بما صرح به نائب جلالة الملك صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، على هامش معرض السياحة الذي افتتحه سموه يوم الثلثاء الماضي، بأن «دول الخليج العربية قد لا تفي بالموعد المستهدف للوحدة النقدية في 2010 لأن نظمها الاقتصادية غير موحدة حتى الآن... وأنه يرى أن من المستبعد على نحو متزايد الوفاء بالموعد... وأن دول مجلس التعاون تعاني من نقص النظم التكميلية للوحدة النقدية». وبينما يتفق الجميع على العمل من أجل العملة الخليجية الموحدة، نرى المواقف تتباعد عندما يصل الأمر إلى موعد التنفيذ.
لذلك نجد محللا مثل الخبير الاقتصادي ببنك كايلون الفرنسي كوسيل ماميز يتوقع (كما نقلت عنه صحيفة «البيان» الإماراتية) أن «تتأخر العملة الخليجية الموحدة أكثر من ثلاث سنوات عن موعدها المحدد في، 2010 بسبب الخلافات بين الدول الست بشأن السيادة والإطار القانوني للعملة وتوحيد المعايير في تقييم البيانات المالية والإحصائية في الموازنات، وحساب التضخم والعجز المالي وسعر الصرف للعملة الواحدة».
بالمقابل نطالع تصريحات مثل تلك التي أدلى بها محافظ المصرف المركزي رشيد المعراج، ونشرت يوم الأحد 18 مارس/ آذار الماضي ما إذا كان من الممكن الوفاء بموعد صدور العملة الخليجية الموحدة في العام 2010، يقول فيها: «نعم نستطيع أن ننجز العملة خلال الفترة المقبلة لكن كل ذلك مرهون بسرعة اتخاذ القرارات المقبلة».
وتمعن في التفاؤل تصريحات أخرى مثل تلك التي أطلقها مدير إدارة المال والتكامل النقدي في المجلس الخليجي ناصر إبراهيم القعود في 25 أبريل/ نيسان 2006، ونقلتها وكالة الأنباء العمانية، وقال فيها: «إنه تم تحديد منتصف العام (2007)، لوضع إجراءات المسميات وإجراءات طباعة العملة، بعد أن تم تشكيل فرق عمل للإعداد الفني لهذا الغرض، بالتنسيق مع محافظي المصارف المركزية الخليجية الستة».
ولا يمكن هنا إغفال ما أعلنه في سبتمبر/ أيلول 2005 الاجتماع الـ 41 لمحافظي مؤسسات النقد والمصارف المركزية الخليجية، من أن خطوات عملية مهمة اتخذت لإصدار العملة الخليجية الموحدة، شملت تسمية العملة وفئاتها وأسلوب طرحها للتداول، وتحديد نظام صرفها وإقامة المؤسسات الخاصة بها.
ومما لاشك فيه أن العملة الخليجية الموحدة على جانب كبير من الأهمية لدول المجلس، من شأنها أن تحقق لها أعلى مراحل التكامل الاقتصادي الذي تنشده، بالإضافة إلى دعم استقرار تبادلها التجاري مع الدول الأخرى، وتعزيز حركة التجارة والنشاط المالي بينها، والمساهمة في قيام سوق إقليمية لرأس المال، نظرا إلى ما ستتمتع به العملة الخليجية الموحدة من قدر كبير من السيولة. ويعود اهتمام مجلس التعاون الخليجي باكرا بالجوانب النقدية لتحقيق متطلبات المادة 22 من الاتفاق الاقتصادي الموحد، الذي ينص على «سعي الدول الأعضاء لتنسيق سياساتها المالية والنقدية والمصرفية، ودعم التعاون بين مؤسسات النقد والبنوك المركزية لديها، بما في ذلك إنشاء عملة موحدة لدعم تكاملها الاقتصادي المنشود».
وبدأ التفكير جديا في العملة الخليجية الموحدة في مطلع السبعينات. وترجم هذا التفكير إلى خطوات عملية تمثلت في تعاقد بنك الكويت المركزي مع روبرت مانديل، المتخصص في العملات والتكامل الاقتصادي بين الدول، والذي حصل في العام 1999 على جائزة نوبل في الاقتصاد مكافأة له على بحوثه في بناء نظرية العملة الموحدة. تركزت الجهود في تلك الفترة حول إنشاء عملة موحدة ضمن الإمارات الخليجية الصغيرة، لذلك لم تتضمن الخطة السعودية وعمان، ولكن تمت دعوة السعودية للمشاركة. وانتهى مانديل من وضع خطة العملة الخليجية في العام 1975. بناء على دراسته العميقة لتاريخ العملات الإسلامية منذ عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب. واقترح مانديل أن يطلق اسم «الدينار» على العملة الجديدة، وأن يطلق اسم «درهم» على أجزائها. وكان من أساس التوصيات التي تقدم بها مانديل حينها أن يتم ربط العملة الخليجية الموحدة بإحدى العملات العالمية الرئيسية مثل الدولار أو اليورو. ويعارض مانديل بشدة ربط العملة بسلة من العملات كما فعلت الكويت لسنوات طويلة، إذ يرى أن ربط أي عملة بسلة من العملات لا يسهم في تثبيت أسعار الصرف.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1707 - الأربعاء 09 مايو 2007م الموافق 21 ربيع الثاني 1428هـ