من الصعب أن نبحث عن الكلمات المناسبة التي تحدّثنا عن تاريخ عبدالله السعداوي... رجل المسرح الأول في البحرين.
المبدعون والمثقفون من أمثال السعداوي مظلومون حقا داخل مجتمعاتهم على رغم إبداعاتهم المميزة الحاصدة لجوائز خليجية وعربية عدة.
هم الذين يسعون إلى تقديم أفكارهم وآرائهم المستمدة من مسرح الحياة التي هي أولى أبجدياتهم في السلّم المسرحي الذي عشقوه منذ زمن... هؤلاء المبدعون قلّة وعلينا المحافظة عليهم باعتبار أنهم ثروة وطنية لا يمكن الاستهانة بها، بل ويجب أن يعطى لهم الوقت الكافي للتفرّغ من أجل إطلاق شحناتهم الإبداعية في أعمال إنسانية تحفظ فيها أسماؤهم وتذكر فيها أعمالهم وهو أمر معمول به مثلا مع مبدعي اليابان الذين تتم رعايتهم وتبنيهم على المستوى الرسمي.
السعداوي الذي نراه على خشبة المسرح أو في أي مكان تجول نفسه لإطلاق فضائه المسرحي ما هو إلا شخصية قلّما تكررت في هذا المجال عربيا ودوليا.
ليس هذا فحسب فالإبداع المسرحي المتمثل في شخص السعداوي يرجع إلى كونه فنانا متعدد المواهب فهو معروف بالإخراج قبل أن يكون مؤلّفا وممثلا من الطراز الأوّل.
فحالة الإلهام التي تعتريه في أعماله المسرحية كما في «الرهائن» إلى «الصديقان» و»الجاثوم» و«رجال البحر» التي تعتبر المحطة الأولى للعمل التجريبي المختبري، ما هي إلا محطات حقيقية تستحق ذكرها كون أن الفن الحقيقي يبقى مخلدا مع الزمن بينما فنه هو ذاك الفن الذي تسعى إليه الإنسانية بمختلف ألوانها وأجناسها وعرقياتها لنشره باعتبار أن المسرح لغة مشتركة لمختلف الجنسيات. لقد حظيت كل أعماله بالتقدير والاحترام وفي مقدمتها «سكوريال» مع مسرح الصواري التي أشادت بها لجنة التحكيم في العام 1993 بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، تلتها مسرحية «الكمامة» التي حصلت على جائزة أفضل إخراج دولي في العام 1994 في مهرجان القاهرة، إلى «القربان» في العام 1996 و»الطفل البريء» في العام 1998، إلى «الكارثة» ثم تتابعتها ثلاث مسرحيات قصيرة هي «ابني المتعصب» و«بور تريه» و«الحياة ليست جادة» قبل ثلاث سنوات والكثير والكثير الذي قدمه ومازال يقدمه.
والسعداوي الذي شارك في تأسيس عدد كبير من المسارح في منطقة الخليج خلال فترة السبعينات ستبقى مؤلفاته شاهدا على تجربته المسرحية خليجيا وعربيا.
لقد جال فن السعداوي في كل مكان اشتهت فيه نفسه فكان في القلاع القديمة وصالات العرض وأخرى في مسرح متجول كان آخرها تقديم عرض لمسرحية «متروشكا» في صحيفة «الوسط» الذي على إثرها تم تكريمه من قبل أسرة «الوسط» وذلك تقديرا لجهوده التي تصب في تطور الحراك المسرحي في البحرين... فهنيئا للسعداوي ومزيدا من الإبداع.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1707 - الأربعاء 09 مايو 2007م الموافق 21 ربيع الثاني 1428هـ