جلسة مجلس النواب بدأت صباح أمس بحضور 39 نائبا، على غير المعتاد، وامتلأت شرفات المجلس بالصحافيين والزائرين، وتحركت أنفاس الجميع مع مطرقة الظهراني التي أعلنت بدء الجلسة... وجاء إخطار المجلس بشأن طلب استجواب الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة. وحينها طلب وزير الدولة عبدالعزيز الفاضل الإذن بالكلام، عارضا موقف الحكومة من طلب الاستجواب، الذي تمثل في القول إن هناك مخالفتين تعترضانه، مشيرا إلى أنه ليس من حق هذا المجلس محاسبة الوزير عطية الله على أعماله في فترة المجلس السابق (المجلس السابق انتهى في يوليو/ تموز 2006، والتقرير المثير ظهر للعلن بعد ذلك في سبتمبر/ أيلول 2006). وتعذر الفاضل أيضا بأن موضوع التقرير المثير مفتوحٌ في القضاء؛ ولذلك لا يمكن للسلطة التشريعية أن تستجوب الوزير عطية الله إلا بعد أن يفصل القضاء.
بعدها مباشرة، قال رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني: «إن هيئة المكتب كانت قد قررت الأحد الماضي أن يصوّت المجلس على إحالة الاستجواب إلى اللجنة (المالية)»... واعترضت كتلة الأصالة على ذلك، محذرة من أزمة برلمانية إذا حدث الاستجواب. غير أن الظهراني طرح طلب الاستجواب - الذي تقدمت به الوفاق - للتصويت، وكانت المفاجأة في اصطفاف لكتل المنبر الإسلامي والأصالة والمستقبل ضد طلب الإحالة إلى اللجنة «المالية» للاستجواب (17 صوتا رافضا، و3 أصوات ممتنعة)، على حين صوّتت الوفاق (17 صوتا) والنائب عبدالعزيز أبل والظهراني لصالح الإحالة... والنتيجة أن أُجِّل التصويت؛ وإثر ذلك انسحبت الوفاق.
الاجتماع القادم غدا (الخميس)، والتوقعات جميعها صعبة، وإذا تكرر السيناريو ذاته، فإن الاستجواب سيؤجل إلى الدور الثاني (نهاية العام الجاري). البعض قد ينظر إلى ما حدث يوم أمس على أنه اصطفاف طائفي، ولكني أعتقد غير ذلك... فما حدث هو أن هناك اصطفافا ثقافيا، واحتكاكا بين ثقافتين، إحداهما تؤمن بأن السياسة في البحرين مجرد لعبة مصالح، ومن مصلحة من بيدهم النفوذ أن يمنعوا أية مساءلة جادة تصل في نهاية الأمر إلى مشاركة متساوية في صنع القرار. وهذه الثقافة لا تمانع إثارة الضجيج بشأن قضايا لا تؤثر في العملية السياسية القائمة حاليا على تراتبية صارمة. ومن الطبيعي أن يقف أي طرف مستفيد من تراتبية النفوذ السياسي ضد مساءلة قد تخلخل المصالح المترابطة بشكل واضح للعيان.
في مقابل هذه الثقافة، هناك من يرى أن بالإمكان تفعيل المبادئ السامية التي يتغنى بها ميثاق العمل الوطني والدستور، مثل المحاسبة، وصولا إلى المشاركة المتساوية في صنع القرار على مستوى الوطن. المؤمنون بهذه الثقافة أو تلك، والمعارضون لهذه الثقافة، سيصطفون بطبيعة الحال عندما تحين ساعة الحقيقة، وهو ما حصل فعلا أمس الثامن من مايو/ أيار 2007.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1706 - الثلثاء 08 مايو 2007م الموافق 20 ربيع الثاني 1428هـ