لم أكن أتصوّر أن إبراهيم شريف يمتلك كل هذا الحس من الطرافة حتى قرأت ردّه المفحم على طروحات بعض نواب «محلّلي التجنيس»!
«محلّلو التجنيس» يطرحون خدمة الأمة معيارا للتجنيس، وهي بدعةٌ أسقطها شريف بـ «قفشةٍ» واحدة، بإشارته إلى تجنيس كل من حارب «إسرائيل» في الأردن وسورية ولبنان وفلسطين المحتلة. ولكنه لم يشر إلى من حارب «إسرائيل» من مصر والعراق ودول المغرب، إضافة إلى من قاتلوا مع الفلسطينيين في «الغزوات» الإسرائيلية المتعددة على لبنان، من دول إفريقيا وأميركا اللاتينية.
الرد كان ساخرا بمقدار ما كان تبرير سياسة التجنيس مستخفا بالعقول، فالقضية ليست تجنيس شخص أو شخصين، وإنما نحن أمام سياسة تهدّد الأمن القومي للبلد، فلن يطول الوقت حتى يدفع الوطن ضريبتها دموعا ودماء، وتطاحنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا على أوسع نطاق، سيصبغ الحراك السياسي في العشر أو العشرين سنة المقبلة.
المبرّرون لسياسة التجنيس، ينطلقون من حسابات ومصالح فئوية ضيقة، غابت عنهم مصلحة الوطن العليا وتضخمت لديهم مصلحة الجماعة وأهل الفريج. وهي مصلحةٌ سرعان ما ستتآكل وتتجاوزها الحوادث.
شعب البحرين ليس شوفينيا عندما يعارض التجنيس، وأخلاقه أبعد ما تكون عن الانغلاق، ولكن عندما تشعر قطاعاتٌ عريضةٌ منه بوجود دوافع سياسية واضحة في التجنيس المتسارع والمكثف، فمن المنطقي أن تقف الجمعيات السياسية ذات التاريخ الوطني النظيف، وكل مؤسسات المجتمع المدني ضد هذه السياسة الخطرة.
شعب البحرين ليس شوفينيا ولا منغلقا، ولا يميل نحو العزلة عن الآخر، وهي طبيعةٌ ساهمت الجغرافيا والتاريخ والدين السمح في تشكيلها، فضلا عّما تفرضه حياة الجزر من انفتاح كضرورة عملية في منطقةٍ حيويةٍ من العالم. فالأمر ليس في التجنيس المحدود الخاضع لضوابط قانونية تراعي مصلحة الوطن العليا كما يجري في دول الجوار، ولكنه في هذه السياسة قصيرة النظر، التي ستلحق أبلغ الأضرار بمصالح البلاد ومعائش العباد في المدى المنظور.
ربما نُتّهم بالتشاؤم، ولكن النذر أخذت تلوح بالأفق لمن أراد أن يبصر قبل فوات الأوان. فمن يبرّرون ويدافعون عن التجنيس اليوم، قلةٌ مستفيدةٌ تتلاعب بمشاعر جمهورها، وسرعان ما سيزول أثر التنويم المغناطيسي بعد أن يحمي الوطيس.
قبل شهرين تقريبا، تلقيت مكالمة من مواطنةٍ من الرفاع، يبدو من صوتها أنها متقدمة في السن ولديها أبناء عاطلون عن العمل، وبعد التحية أخذت تتحدّث عن مشاكلهم، وهي مشاكل واحدة ومتشابهة، وعمّا قريبٍ ستصبح متطابقة بين أبناء كل المناطق بسبب تشابه العوامل الضاغطة في الحياة.
الأم الرفاعية كانت تشكو من عدم حصول الأبناء على عمل حتى في العسكرية كما قالت، فلم تعد هناك وظائف كما في السابق، بسبب منافسة الفئات الجديدة التي احتلت الوظائف المتوافرة تقليديا حتى قبل عشر سنين.
النقاش الجماعي بدأ اليوم عن مخاطر التجنيس بهذه الأعداد المهولة، وهي سياسةٌ خاطئةٌ وغير محسوبة العواقب، سيدفع الجيل المقبل ثمنها عرقا ودموعا ودماء، والحل الذي تخيّله البعض ضمانا للأمن، سينقلب مشروع تقويض للأمن، ففرص العمل والسكن التي تتوافر الآن للبحرينيين الجدد، لن تدوم لأبنائهم. وهكذا سيجد جيلٌ كاملٌ نفسه، لا يزل يعيش الغربة في وطن جديد، في مقدّمة الصفوف المطالبة بانتزاع الحقوق، وستقتحم ساحة العمل السياسي فئاتٌ تعتبر العنف والثأر من تقاليدها المتوارثة من البيئات الأولى. وسيصبح حرق الإطارات عملا ساذجا من مخلّفات التاريخ مقارنة بزمان الأحزمة الناسفة. حينها سيتذكر الناس الخديعة التي انطلت على بعضهم، بأن البحرين «تتشرّف» بمنح جنسيتها لكل راغب في الوصال! تذكروا حينها قول الشاعر:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوا...
فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغدِ
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1705 - الإثنين 07 مايو 2007م الموافق 19 ربيع الثاني 1428هـ
يجب دراسة امر التجنس واغلاقه الان
امر التجنس كل من هب ودب خطر على دول الخليج وعلى مستقبل ابنائها بسب احتلال المتجنسين الوظائف وهذه البطاله تطل على ابنائها وثانياهولاء الذين تجنسوا من اجل الرخاء سوف يرمون الجنسيات اذا حصل لا قدر الله اى مكروه لدولة ما وسوف يفضلون الرجوع الى اوطانهم دون الدفاع عنه يجب ان يراعى التجنس مصالح الدوله والشعب فليس من المعقول ولا من المنطق ان يزاحم الغريب ابن الوطن الاصلى ويفوز با الكععه ويجلس الاخر متحسرا امور التجنس خطيره جدا لابد من دراستها من جميع النواحى يراعى لكل دوله خليجيه مصالحها