افتتح وزير المالية هانز رودلف ميرتس صباح 12 أبريل/ نيسان الماضي معرض بازل الدولي للساعات والمجوهرات في دورته الخامسة والثلاثين، الذي تتبارى فيه كبريات الشركات لتقديم الجديد وإبرام أكبر قدر ممكن من الصفقات.
وإلى جانب هذا التنافس بين الجذاب والمثير، يتطور المعرض في دورة هذا العام ليفتتح قرية خاصة باسمه، ويتوسع في جناح تجارة الأحجار الكريمة والماس. وبلغ عدد الشركات العارضة 2109 تنتمي إلى 45 دولة، وقارب عدد الزوار ما يربو على 100 ألف شخص. ووصل عدد الشركات السويسرية العارضة إلى 422 واحدة، أي نحو 20 في المئة من إجمالي الشركات العارضة ولكنها تحتل 45 في المئة من مساحة المعرض. تشارك من هونغ كونغ 326 شركة، لتكون ثاني أكبر دولة في المعرض بعد سويسرا. وتحتفل شركات الساعات السويسرية بمعرض هذه السنة وهي في أوج سعادتها مع ارتفاع الصادرات من إنتاجها من عام إلى آخر، ولاسيما الإقبال على الساعات الثمينة، ويقول رئيس اتحاد الشركات العارضة جاك دوشان إن ارتفاع نسبة الصادرات في العام 2006 بنسبة 10.9 في المئة عما كانت عليه في العام 2005، يعني وصول حجم الصادرات السويسرية من الساعات إلى نحو 13.7 مليار فرنك، وهو دعم جيد للاقتصاد الوطني على الصعيد الفدرالي.
ولايمكن الحديث عن صناعة الساعات السويسرية من دون ذكر اسم نيكولا حايك، فله فضل كبير في انقاذ صناعة الساعات السويسرية في أول الثمانينات عندما احتدمت المنافسة الدولية، ولاسيما من اليابان. فبعد أن كان قطاع صناعات الساعات السويسرية يحتضر في عقد السبعينات، نجح في النهضة مجددا، خصوصا بفضل ساعات «سواتش» الشهيرة.
وقام حايك حينها باعادة هيكلة بعض الشركات الكبرى لصناعة الساعات، وذلك على مدى أربع سنوات قبل أن يدمجها في مجموعة الالكترونيات الدقيقة والساعات، المعروفة في سويسرا باسم SMH .
واستقطب حايك الكثير من المستثمرين قبل ان يتولى رئاسة المجموعة ويستولي على غالبية الأسهم فيها العام 1985. وتوّج هذا النشاط الحثيث بإطلاق الساعة البلاستيكية الخفيفة والشعبية، إذ إن سعرها في متناول الجميع وهي ساعة سواتش التي أعادت الروح لصناعة الساعات السويسرية.
ولكن حايك لم يقتصر على ساعة سواتش، بل أصبحت مجموعته SMH تظم أرقى الماركات العالمية للساعات مثل لونجينز وبروجيه وأوميغا. وساهمت مجموعة سواتش، العالمية في صناعة الساعات، بشكل كبير أيضا في الحضور الجيد لصناعة الساعات السويسرية في الأسواق العالمية وخصوصا غير الأوروبية. وحققت المجموعة التي تتخذ من مدينة بيين (كانتون برن) مقرا لها مجموع مبيعات قياسي بلغ 4,497 مليارات فرنك في العام 2005. ويمثل ذلك ارتفاعا بنسبة 8.3 في المئة مقارنة مع العام 2004.
وتحظى صناعة الساعات بمساندة ودعم جيدين من مختلف دوائر الاقتصاد السويسري الأخرى، ولاسيما في مجال التصدير والحماية من المنتجات المغشوشة، وهو التحدّي الذي طالب بتكاتف الجهود لمقاومته وصده، إذ تكبدت صناعة الساعات في العام الماضي خسائر بلغت 800 مليون فرنك، بسبب تزوير الماركات الشهيرة بإتقان شديد واستخدام أساليب متعددة للتسويق من بينها شبكة الإنترنت. وعلى رغم هذه النجاحات إلا أن صناعة الساعات السويسرية تواجه مشكلة نقص عدد العمال المؤهلين لمواصلة الركب في هذا المجال، ذلك إن عدم وجود العدد الكافي من الأيدي العاملة المدربة في صناعة الساعات حقيقة يدركها الجميع. وتحاول المؤسسات ذات العلاقة التغلب عليها من خلال تدريب العدد المتواجد حاليا بشكل جيد على المهارات اليدوية، إلى جانب الاستعانة بالميكنة في التصنيع، وفي الوقت نفسه تستعين الشركات بالإنتاج المستورد في بعض المجالات باستثناء محركات الساعة وأسلوب تركيبها الذي يجب أن يبقى في سويسرا وبالأيادي المدربة.
وهناك أيضا تجربة سويسرية متخصصة في هذا المجال من خلال قيام بعض الشركات بافتتاح مدارس تأهيل في نيويورك واوكلاهوما لإعداد صانعي ساعات مهرة، وهي خطوة جيدة وتحتاج إلى تقييم قبل أن يدري تعميمها. ويبدو أن اختيار الولايات المتحدة يعود إلى عدة عوامل خصوصا بالشركات التي تمول هذه المدارس هناك، لكن أهمها هو أن شمال القارة الأميركية سوق تصدير مهم للساعات السويسرية ولذا تحرص الشركات على أن يكون من أبناء تلك القارة من يقومون ليس فقط بالتصنيع ولكن أيضا تقديم خدمات الصيانة.
واليوم أصبح قطاع صناعة الساعات - الذي يعرض مروحة متكاملة من المنتجات - من أبرز قطاعات الاقتصاد السويسري.
وخلال السنوات الخمس الأخيرة، وبات يتصدر الصناعات الكبرى في البلاد. وسجل القطاع دائما أرقاما قياسية على مستوى صادراته إذ ارتفعت من 4,3 مليارات فرنك في العام 1986 إلى 12.3 مليار فرنك في العام 2005.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1705 - الإثنين 07 مايو 2007م الموافق 19 ربيع الثاني 1428هـ