هكذا نبدأ اليوم تاريخا جديدا في السياسة البحرينية، إذ إن طرح موضوع استجواب الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة في مجلس النواب يعتبر مفصلا فريدا من نوعه، والأحداث تسير بسرعة البرق، وربما أنها تأثرت بسباق الفورمولا الذي احتضنته البحرين قبيل إعلان الوفاق نيتها استجواب الوزير بشأن مخالفات للدستور والإجراءات.
بعد تصريح رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني بأنه لن يوقف الاستجواب، انتقل الثقل بالكامل إلى اللجنة المالية التي تتكون من ثمانية نواب، برئاسة النائب المستقل الذي دخل البرلمان على قائمة المعارضة، عبدالعزيز أبل. ومراجعة تكوين اللجنة المالية توضح أن الكلمة الحسم ستكون لرئيس اللجنة الذي يستطيع أن يحرك استجواب الوزير إلى حين إصدار قرار من اللجنة بشأنه، ومن ثم نقل القرار إلى مجلس النواب.
عبدالعزيز أبل قال عند دخوله الحياة النيابية إنه سيكون مرنا، ولكن مرونته ستكون مثل الخيزران التي لا تنكسر... ولست أحسد الأخ عبدالعزيز أبل على ماهو فيه الآن، ولست أدري إن كان سيرفض تسلم رئاسة اللجنة لو كان يعلم أن أول قضية من نوعها في التحقيق البرلماني البحريني ستقع على كاهله بالتمام والكمال. فهو يستطيع أن يوقف التحقيق - عندما تبدأ اللجنة مداولة الأمر - ويستطيع أيضا أن يدعم ما طرحته الوفاق وصولا إلى إدانة الوزير داخل اللجنة.
تاريخنا السياسي الذي يصنع هذه الأيام تمسكه الخيزران، أكثر مما تمسكه الوفاق، لأن اللجنة إذا أدانت الوزير فإنها ستكون سابقة هي الأولى من نوعها في كل تاريخ البحرين السياسي. وحتى لو قام مجلس النواب بمعارضة اللجنة، فإن مداولات اللجنة ستؤول إلى انكشاف معلومات وملفات وتداعيات، وكلها ستلوّن الحياة السياسية بألوان مختلفة عما عهدناه حتى اليوم.
إن أهم شيء قد تنتجه مجريات الحدث المذكور أعلاه هو أن مبدأ «المحاسبة» سيتم تفعيله لأول مرة في الحياة العامة... فإلى حد الآن كانت المحاسبة ممنوعة بصورة فعلية، ولم تتم مساءلة أي شخص عن أي شيء يستحق منذ منتصف السبعينات وحتى الآن... بل إن من توجه إليه الأصابع سرعان ما تتم ترقيته أو تعيينه في مناصب تضمن له كل ما كان يتمتع به من هيبة ومال وجاه قبل أن تتوجه إليه الأنظار.
إن من يرفض مبدأ المحاسبة عليه أن يبتعد عن كل المناصب في الحياة العامة، والمحاسبة قد تصل إلى أن تدين وقد تبرئ الشخص المعني، ولكنها مبدأ ثابت لا يمكن التنازل عنه، ولذلك فإن تفعيله في العام 2007 بشارة خير للبحرين. على أن كل هذا سيعتمد على ما يجري، وإذا تم تحويل الموضوع إلى اللجنة المالية - بحسب إقرار هيئة المكتب أمس الأول - فإن خيزرانة أبل ستخضع للتجريب، وسيراقب الناس ما إذا كانت كما وصفها صاحبها قبل دخوله البرلمان.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1705 - الإثنين 07 مايو 2007م الموافق 19 ربيع الثاني 1428هـ