العدد 1704 - الأحد 06 مايو 2007م الموافق 18 ربيع الثاني 1428هـ

السعودية... هكذا يكون التجنيس

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في تقرير نقلته وكالة «يو بي آي» أمس الأول، جاء فيه أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز وجّه بمنح الجنسية السعودية لعددٍ من المتقدمين من ذوي الكفاءات والتخصصات العلمية وفقا للضوابط النظامية.

يأتي ذلك بعد عامين من دعوة الحكومة في مايو/أيار 2005 الراغبين في الحصول على الجنسية بتقديم طلباتهم إلى الجهات المختصة، فتقدّمت أعدادٌ كبيرةٌ من الأجانب من حاملي درجات الماجستير والدكتوراه. وسبق أن أعلنت السعودية نهاية مارس/ آذار الماضي، أن الأجانب المولودين في المملكة بإمكانهم الحصول على الجنسية بعد بلوغهم سن الرشد، ويُمنحون مهلةَ عامٍ للاختيار بين منحهم الجنسية السعودية أو الاحتفاظ بجنسيتهم الأصلية، علما بأن هناك مليون مقيم يمكن أن يستفيدوا من ذلك من بين أكثر من 7 ملايين أجنبي يعيشون في السعودية.

نحن في البحرين معنيون جدا بالتجربة السعودية في التجنيس، فالسلطات هناك أعلنت أن المهن التي تحتاجها ووردت في التعديل بوصفها شرطا للتجنيس هي تخصصات الطب والفيزياء والعلوم والحاسب الآلي والتقنية بأنواعها والتخصصات النادر وجودها بين المواطنين. ولنتذكر أن السعودية يبلغ تعدادها نحو 20 مليون نسمة، وهو رقمٌ صغيرٌ نسبيا بالنسبة إلى دولةٍ تبلغ مساحتها 2.4 مليون كيلومتر مربع، إذ يصل معدل الكثافة السكانية إلى 7.9 نسمة للكيلومتر المربع، (بحسب موقع وزارة الخارجية)، بينما تبلغ الكثافة السكانية لدينا 1500 نسمة في الكيلومتر المربع.

الأشقاء في السعودية استثنوا من التعديل الإخوة الفلسطينيين ممن يحملون جنسيات عربية وأجنبية والذين يبلغ عددهم نحو 500 ألف، وذلك استجابة لتوجيهات الجامعة العربية بعدم تجنيس أو توطين الفلسطينيين المقيمين في دول عربية، منعا لذوبان الهوية الفلسطينية وحفاظا على حقهم في العودة.

الحديث عن السعودية هو حديثٌ عن أكبر بلدٍ في شبه الجزيرة العربية، وهو البلد الأول في إنتاج النفط، وأكبر احتياطي على مستوى العالم، والخامس في احتياط الغاز. وهو بلدٌ يشهد نهضة صناعية، ونموا زراعيا أوصله إلى تصدير الحبوب والخضروات والفواكه إلى الخارج. بلدٌ واسعٌ شاسع، يضم أكثر من 30 مطارا بين دولي وإقليمي ومحلي. هذا البلد هو بأمسّ الحاجة إلى الأيدي العاملة من كل نوع، ولكن التخطيط للسياسة المستقبلية تدعوه إلى وضع القوانين التي تحكم حركة الهجرة وتضبط عملية التجنيس، بما يخدم البلد ومستقبل أجياله على المستوى البعيد. هذا مع العلم بما تواجهه سنويا من مشكلة تخلّف أعدادٍ من الحجاج والمعتمرين من العودة إلى ديارهم وإيثار البقاء في السعودية لكسب الرزق، لما تعانيه أوطانهم الأصلية من تدني المستوى الاقتصادي، فأكثر المقيمين من دولٍ مثل الهند وباكستان وبنغلاديش والفلبين ونيجيريا. من هنا راعى صاحب القرار جانب الاحتياط لمستقبل البلد، وعندما قرّر قبل عامين الاستفادة من التجنيس، وضع الضوابط التي تحافظ على التركيبة السكانية ومصلحة الوطن والمواطنين.

نقول ذلك، وعيننا على بلدٍ صغير، لا تزيد مساحته على 700 كم مربع، تزداد شوارعه ازدحاما عاما بعد عام، وتتراكم مشاكله المعيشية، ويعاني من تراجع الخدمات العامة في مجال التعليم والصحة والإسكان... فضلا عن البطالة وضعف مخرجات التعليم عن تأهيل جيلٍ يواكب حاجات سوق العمل. وفوق ذلك، تأتي سياسة التجنيس العشوائية لـ 53 ألفا خلال ثلاثة أعوام، لترفع عدد السكان الإجمالي بنسبة 10 بالمئة دفعة واحدة! وهي سياسة خاطئة ستدفع الأجيال المقبلة ثمنها عسرا في الحياة، وعرقا ودموعا ودماء، ويدفع البلد الضريبة من أمنه واستقراره، مع الدخول الحتمي و«المشروع» لأبناء الفئات الجديدة بعد عشر سنوات فقط، على خط المطالبة بحصتها من الكعكة، والمساهمة في صنع القرار. ترى... أما آن للغشاوة أن تزول؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1704 - الأحد 06 مايو 2007م الموافق 18 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً