العدد 1704 - الأحد 06 مايو 2007م الموافق 18 ربيع الثاني 1428هـ

من شرم الشيخ إلى دارفور... فتش عن النفط 3/3

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يملك العراق احتياطيا مؤكدا من النفط قوامه 112 مليار برميل، وهو بذلك ثاني دول العالم بعد المملكة العربية السعودية. ويتوقع البعض أن يفوق الاحتياطي في العراق نظيره في دول الخليج بإكمال البحث والتنقيب في الأراضي العراقية التي لم تلقَ مسحا جيولوجيا كاملا. ولنا أن نتخيل ذلك والعراق منشغل بالحروب منذ ما يزيد عن 20 عاما ومحاصر منذ 13 عاما.

كثير من قطاعات الصحراء الغربية العراقية لم ترسم لها خرائط بتروجيولوجية دقيقة، ويتوقع أن توجد فيها كميات كبيرة من النفط. وتشير التقديرات الأولية إلى احتمال وجود 100 مليار برميل أخرى. ويصنف الاقتصاديون حقول النفط العراقية في المرتبة الأولى في العالم من حيث انخفاض كلفة الإنتاج لوجود الخام على مقربة من السطح وعدم وجود عقبات جيولوجية.

يحوي العراق 73 حقلا نفطيا لا يستغل منها بشكل كامل سوى 15 حقلا. ويمكن تخيل صغر حجم النفط العراقي مقارنة بالمخزون إذا ما عرفنا أن الآبار المنتجة في العراق تتراوح بين 1500 إلى 1700 بئر، بينما يتوقع أن تصل الآبار باستكمال البحث إلى ما لا يقل عن 100 ألف بئر.

وفي نهاية الشهر الماضي نقلت وكالة الأنباء القطرية (قنا) عن وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني قوله إنه تم اكتشاف 78 حقلا نفطيا يندرج نصفها بين الكبيرة والعملاقة. إذ كشف الوزير عن وجود عشرة حقول نفطية عملاقة خصصت لشركة النفط الوطنية مع 25 حقلا مكتشفا إضافة الى وجود 65 موقعا تحتاج إلى جهود لاستكشافها.

أما اهتمام الإدارة الأميركية الحالية بالنفط العراقي فتعود إلى الشهور الأولى من بداية عهد الرئيس جورج بوش العام 2001، حينها ترأس نائب الرئيس ديك تشيني اجتماع «فريق مهام»، لبلورة إستراتيجية طاقة أميركية جديدة. أحيطت اجتماعات هذا الفريق بسرية تامة، حتى عن أعيُـن الكونغرس، المعني الأول بمثل هذه الأمور القومية الحساسة، لكن تبَين لاحقا أنه (الفريق) ضمّ نُـخبة من كبار المخططين والمحللين المرتبطين مباشرة بشركات النفط الكبرى الأميركية، الذين احتلوا لاحقا مناصب كبرى أيضا في إدارة بوش.

مسألة النفط كانت في قلب جدول أعمال فريق المهام، الذي استنتج بأن تقلَص الموارد النفطية العالمية وتزايد حاجة قوى كبرى صاعدة، مثل الصين والهند له، يفرضان على الولايات المتحدة تعزيز قبضتها على كل منطقة الخليج العربي، التي تحتوي وحدها على احتياطات نفط، تفوق كل ما يتضمّـنه العالم مجتمعا.

الفريق لم يُـوص آنذاك بالضغط على حلفاء أمريكا، مثل الكويت والسعودية لفتح مناطقهم النفطية أمام الاستثمارات الأجنبية فحسب، بل دقّـق أيضا في خرائط حقول النفط العراقية، موصيا بوضعها تحت السيطرة الأمريكية المباشرة، لأنها تتضمّـن ثالث أكبر احتياطي في العالم، بعد السعودية وإيران.

هذه التوصية لاحتلال حقول النفط العراقية، والتي جاءت قبل أشهر عدة من حوادث 11 سبتمبر/ أيلول وما تلاها من «حرب عالمية ضد الإرهاب»، لم تكن الأولى من نوعها، فقد سبقها العام 1999 وثيقة للبنتاغون الأميركي، صدرت خلال عهد الرئيس كلينتون، أكّدت أن «حرب النفط» هي خيار «شرعي» للإدارة الأميركية، كما سبقتها دعوات عدة للمحافظين الجدد لغزو العراق.

بُـعد آخر يتعلّـق هذه المرة بالاستراتيجية العليا الأميركية في العالم. فالسيطرة على نفط العراق وبقية أنحاء الخليج، لا يقتصر هدفه على تأمين حاجة أميركا من الوقود، (على رغم أن سكانها الذين يشكِّلون 5 في المئة من العالم يستهلكون 25 في المئة من طاقته)، بل يتضمن كذلك تأمين الزعامة الأميركية الدولية، إذ في عالم، إذ القوة العسكرية والاقتصادية للأمم، تعتمد بشكل أساسي على واردات النفط، فإن سيطرة أميركية أكبر على النفط، تعني نفوذا أقل لمنافسيها على السلطة العالمية.

هذا الهدف المزدوج، المتعلِّق بتأمين حاجات الوقود الأميركية والسيطرة على مداخل الآخرين إليه، كان مركزيا في كل تاريخ الإمبراطورية الأميركية منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى بدء القرن الحادي والعشرين.

العلاقة الحاسمة بين النفط والحرب برزت في الحرب العالمية الأولى، حين تمكّنت بريطانيا من التفوّق على قوات المحور بقيادة ألمانيا بفضل سيطرتها الاستعمارية على نفط إيران، آنذاك، قال وزير الخارجية البريطاني اللورد كروزون: «لقد حققنا نصرا على موجة من النفط». وفي الحرب العالمية الثانية، هاجم اليابانيون «بيرل هاربور»، لتأمين جناحهم في خِـضم سعيهم للسيطرة على موارد النفط على منطقة شرق الأنديز.

وفي شرم الشيخ كان السيطرة على برميل النفط في العراق ودارفوار على رأس قائمة الاهتمام الأميركي.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1704 - الأحد 06 مايو 2007م الموافق 18 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً