الخطأ في السياسة أنواع، منها ما يمكن أن يغتفر. ومنها ما لا يستطيع الشركاء السياسيون أن يتقبلوه منك. وحين تشتغل في السياسية عليك أن تعي أن أي خطأ سياسي يصدر منك لابد وأن يكون له ثمنه عند الخصم. وهو ما يعني أن تتقبل وبصدر رحب دفع «دية» هذا الخطأ وبشكل مباشر من دون تأزيم أو تعطيل أو مواربة.

وزير التأزيم في الملف المشهور أخطأ. ومهما تجادل الفرقاء السياسيون عن صحة «التقرير» وصدقيته فإن صدقية تقدر بـ 5 في المئة تبدو كافية - وتزيد - لأن يدفع طرف التقرير الثمن.

يقولون: إن المعارضة هي الأخرى لها فضيحتها المستترة. ولعلها تمتلك مخططا مشابها لمخطط صاحب التقرير المثير يقف على رأسه أولمرت عوض نتنياهو. ونقول: حسنا، فليكن!، وإذا كشف صاحب تقرير جديد مخطط المعارضة - السري حتى الآن - سيكون عليها هي الأخرى أن تدفع الثمن. اليوم هو يومكم فتحملوا وزره، وللمعارضة يومها الذي ستتحمله.

سواء، أكانت كتلة «الوفاق» ستنجح في استجوابها أم «لا»، فإن ذلك لا يغير حقيقة احتقان فئة مهمة في المجتمع البحريني تجاه التقرير، وتجاه من تزعمه، ومن اشترك فيه، أو استنفع منه. فليست «الوفاق» أو شارع الوفاق «المعني» الوحيد بالتقرير وما احتواه بل هي «الأكثرية» في البحرين. وليس من المعقول أن يبقي/يحمي/ يدافع النظام على وزير تأزيم «واحد» ليضرب بأكثرية البلاد عرض الحائط.

الذي لا بد أن يكون واضحا، أن نهاية التقرير «الفضيحة» لن تكون عبر حكم قضائي «مسيس» أو عبر تصويت «برلماني» طائفي الصبغة أو حتى عبر ترضية للوفاق تتم وقائعها تحت قبة البرلمان أو خارجه. تكمن نهاية الجدل عن هذا التقرير بتفكيك المؤسسات التي عملت فيه وخرجت منه، وفي استبعاد الشخصيات التي تورطت فيه من مجمل العملية السياسية إلى غير رجعة، عبر استقالة/إقالة لوزير التأزيم.

لا يمكن الاستمرار في العملية السياسية ما بقى هذا الملف معلقا، وليس لأحد أن يلوم «الأكثرية» على ما تفعل إزاء استهداف مباشر وفق الهوية الدينية، هذا الاستهداف لم يقتصر في واقع الأمر على أصحاب الهوية التقليدية بل حتى للشيعة من ذوي الاتجاهات الأيديولوجية الليبرالية. وحتى نتجنب كل ذلك، يبقى خيارا «تصحيحا» ما كان يجب أن يصحح مذ خرج علينا صاحب التقرير المثير بفضيحته الذي لن يمر من ذاكرة الأكثرية من دون ثمن.