العدد 1703 - السبت 05 مايو 2007م الموافق 17 ربيع الثاني 1428هـ

القوميون والناصريون لهم أثر كبير في مسيرة النضال البحريني في القرن العشرين

أكد نائب الأمين العام للتجمع القومي الديمقراطي حسن العالي أن الحركات والشخصيات القومية في البحرين كان لها الأثر الكبير في مسيرة نضال الشعب البحريني نحو الاستقلال والديمقراطية وإثبات عروبة البحرين منذ بزوغ الفكر القومي في مطلع الخمسينات.

وقال: «عبر رصدنا التاريخ الحديث وعلى رغم قلة الوثائق والتوثيق الدقيق فإن الحوادث والحركات التي شهدتها البحرين منذ مطلع القرن الماضي تشير في مدلولاتها وتوقيت حدوثها بوضوح إلى وجود ترابط بينها وبين ما يدور على ساحة الوطن العربي، فالحركة الإصلاحية التي برزت في العام 1920 لم تكن معزولة عن حركة التحرر العربية التي انبثقت قبيل وبعد الحرب العالمية الأولى التي ارتبطت بداياتها بمواجهة سياسات التتريك العثمانية وتواصلت إثر وضع اتفاقات (سايكس بيكو) موضع التطبيق، كذلك عندما نراجع دستور نادي العروبة الذي تأسس العام 1939 نجد تأثره الواضح بالأفكار العبثية التي كانت تتمخض منذ منتصف الثلاثينات وتشكلت على شكل حركات أولية كإصدار صحيفة (العروة الوثقى) وغيرها وانسحبت الأفكار نفسها لتنعكس على نادي العروبة، ولا ننسى أن مفكرين قوميين من البحرين عاصروا البدايات الأولى لتأسيس حزب العربي الاشتراكي منذ تأسيسه العام 1947 كعلي فخرو وماجد الجشي ثم جاسم بن محمد فخرو الذي يعتبر احد القيادات التاريخية للبعث في البحرين وهم جميعا كانوا يحملون أفكار البعث منذ الأربعينات ثم لا ننسى هيئة الاتحاد الوطني خلال الفترة من 1945 إلى 1965 إذ تأثرت قيادتها مثل: الباكر والشملان والموسى بالأفكار الناصرية والبعثية السائدة آنذاك وقد وردتنا معلومات عن علاقة الشملان بمؤسس البعث مشيل عفلق بالذات بعد انتهاء فترة النفي التي قضاها في جزيرة سانت هيلانة».

فترة الخمسينات وبلورة الحركات القومية

ويذكر العالي أن في هذه الفترة بالذات - أي فترة الخمسينات - تبلورت الحركات القومية في البحرين على شكل أحزاب، فقد تأسس حزب البعث الاشتراكي في البحرين والتيار الناصري أو حركة القوميين العرب وإذا كان حزب البعث قد تأسس مع عودة الطلبة البحرينيين من الخارج في مطلع ومنتصف الخمسينات فإن حركة القوميين العرب وكما يذكر فلاح الديرس في كتابه حول الحركات والجمعيات السياسية في البحرين أنها تأسست العام 1959 كما يحول لنا التاريخ شواهد حية على المشاركة الرئيسة للتيارات القومية سواء البعثية أو الناصرية في انتفاضة مارس 56 في البحرين.

ويقول: «على رغم أن البعثيين والناصريين لم يعملوا ضمن جبهة واحدة بسبب الخلافات بين عبدالناصر والبعث التي تفجرت بعد الانفصال بين مصر وسورية العام 1961 فإن البعث البحريني في تلك الفترة كان نشطا للغاية وله وجود في صفوف العمال والمدرسين والقرى وتصدر عنه بيانات حول الانتفاضة وغيرها من الأمور الخاصة بأوضاع البحرين حيث كانت تلك البيانات تصدر تحت اسم منظمة الطليعة».

ويضيف «في فترة الستينات كان للقوميين دور أساسي في التنبيه إلى مخاطر المطالبات الإيرانية بالبحرين والهجرة الإيرانية المنظمة التي كان يرعاها شاه إيران آنذاك؛ لتغيير التركيبة الديمغرافية في البحرين قبيل الاستفتاء الذي كانت الأمم المتحدة تعتزم تنظيمه وكان للجهود الكبيرة التي بذلها القوميون الدور الكبير في نجاح الاستفتاء على عروبة البحرين ورفض الادعاءات الإيرانية ثم أعقبها استقلال البحرين العام 1971».

فترة الاستقلال والتجربة البرلمانية الأولى

ويذكر أن القوميين انخرطوا بعد الاستقلال في النضال من أجل الإصلاح الديمقراطي والسياسي وعلى هذا الأساس كانت لهم مشاركة بارزة في المجلس التأسيسي العام 1972 والذي ترأسه حسن الجشي، وكذلك النجاح في الوصول إلى البرلمان من خلال وجوه بارزة أسهمت بشكل كبير آنذاك في إنضاج التجربة البرلمانية وطرح الكثير من المطالب الشعبية البارزة وبعد حل المجلس الوطني شاركت منظمة حزب البعث في البحرين مع كل من الجبهة الشعبية في البحرين وجبهة التحرير الوطني البحرانية في إصدار البيانات المشتركة المطالبة بإعادة الحياة البرلمانية وتعرض كوادر المنظمة للاعتقال والملاحقة ولا ننسى في الفترة نفسها الدور البارز للبعثيين في مسيرة الاتحاد الوطني لطلبة البحرين الذي كان يمثل الواجهة الرئيسية للعمل الوطني ولقد استضاف العراق المؤتمر العام للاتحاد مرتين العامين 1975 و1979 وكانت تضم هيئاته القيادية تحالفا بين البعث والجبهة الشعبية وجبهة التحرير وقد ترأست الاتحاد خلال الفترة 1977 و1979 إذ كانت هذه الفترة تمثل مرحلة خصبة للعمل الوطني في الداخل والخارج إلا أنه يمكننا القول عموما إن مسيرة العمل القومي في البحرين تعرضت لتراجع كبير وملحوظ وبالذات بعد نجاح الثورة الإيرانية العام 1979 وانعكاساتها على الأوضاع السياسية والاجتماعية في البحرين وبروز الانتماءات الطائفية ثم زاد الأمر تعقيدا وصعوبة بعد قيام حرب الخليج الثانية بين العراق والكويت وانعكاس ذلك على موقف الجماهير في الخليج من العراق وأيضا القوميين وخصوصا أن الولايات المتحدة استغلت هذه الحرب بمساعدة بعض الأنظمة والقوى المعادية لتشن حملة عشواء على كل ماله صلة بالقومية العربية.

تشكيل التجمع القومي

ويقول: «إن التجمع القومي الديمقراطي في توجهاته الفكرية والسياسية الأساسية هو امتداد لمسيرة البعث في البحرين كما يضم بين جناحيه الشخصيات المستقلة المؤمنة بالفكر القومي، ومن خلاله نسعى لاستنهاض دوره في خدمة وطنه وأمته، ونجتهد لتحقيق هذا الهدف من خلال مواقفنا الوطنية والقومية المعلنة والتي نعتقد أنها محط احترام القوى السياسية الأخرى، كونها تنطلق أولا وأخيرا من مصلحة شعبنا في البحرين والوطن العربي».

ويضيف «بدأ تحركنا الفعلي لتأسيس التجمع القومي نهاية العام 2001 واستمر نحو ثلاثة شهور حتى نجحنا في عقد الجمعية التأسيسية للتجمع بمشاركة 101 عضو مؤسس يوم 10 فبراير/ شباط 2002 ومن ثم حصلنا على الإشهار يوم 17 أبريل/ نيسان 2002. وبالنسبة إلينا، فإن إشهار جمعية التجمع القومي الديمقراطي دشن مرحلة جديدة من العمل النضالي والجماهيري في البحرين تتسم بتحدٍ أكبر لرسالتنا الوطنية والقومية. إن التجمع بالنسبة إلينا هو التواصل الوطني والقومي الممتد عبر عقود مع جماهير شعبنا في البحرين وهو امتحان لصدقية فكرنا ورسالتنا وهو محك لقدرتنا على العطاء».

ويقول: «إن منطلقاتنا الفكرية والسياسية للعمل في البحرين - كتنظيم وممثل للتيار القومي في البحرين - تنطلق تأكيدا من إيماننا العميق بالعلاقة الجدلية بين الوطني والقومي وتلازمهما، وهذا الإيمان لا ينطلق من فراغ بل من قراءة تاريخ النضال الوطني البحريني في العصر الحديث الذي يقدم نموذجا متقدما على التفاعل الخلاق بين الأبعاد الوطنية والقومية والإنسانية. وعلى هذا الأساس، فإننا نجد في تجمعنا القومي اليوم إيمانا عميقا بقضايا الشعب الوطنية، والعمل جنبا إلى جنب، مع سائر القوى الوطنية، في إطار شرعية الحكم، من أجل تحقيقها. في الوقت ذاته وانطلاقا من فكرة القومي فإن التجمع يعي وعيا تاريخيا التحديات التي تمر بها بلادنا والوطن العربي، لذلك تمسك بنهج التلازم التاريخي بين الشئون المحلية ومجمل القضايا القومية، وإن نضالنا الوطني هو جزء لا يتجزأ من النضال التاريخي للأمة العربية، ويرى أن مستقبل وطننا مرتبط ارتباطا عميقا بمستقبل الأمة وقدرتها على النهوض. وقد بات واضحا أننا نعيش في عصر كتل وتحالفات كبرى، وأن الوحدات القطرية الصغيرة قدرها أن تكون ضعيفة وتابعة، فالأقطار العربية ليست قادرة على أن تضمن لها وطنا حرا وتنمية مستقلة، وأن تواجه التحديات والمخاطر التي تتعرض لها، بشكل منفرد. وأن قدرها هو توحيد جهودها وتجسير الوطني بالقومي في مواقفها وخططها وبرامج عملها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إن التوجه القومي، على هذا الأساس، يأتي ضمن سياق تاريخي وموضوعي صحيح بالنسبة إلى بلدنا العزيزة البحرين، ومنسجم في الوقت ذاته مع اتجاهات العصر وقوانينه».

التوجه الفكري لـ «التجمع»

ويؤكد العالي أن فكر البعث برز بوصفه حاملا لمشعل الرسالة الخالدة للأمة يعمل ويناضل ويضحي في سبيل تحقيق أهدافها في الوحدة والحرية والاشتراكية، وهي الأهداف التي نعتقد أن الجماهير العربية مؤمنة بشدة بها، كما تميز فكر الحزب بربطه الجدلي بين هذه الأهداف، فلم يؤمن أن هناك آلية أو ترتيبا محددا لتحقيقها، فأي وحدة بين قطرين تسهم في تحقيق هدف الحرية على مستوى الوطن العربي، كما أن تحرر أي بلد عربي سيعجل من تحقيق هدف الوحدة، كما أن السير على طريق الاشتراكية والعدالة الاجتماعية سيعزز من حرية واستقلال البلد من الهيمنة الخارجية، كما أنها - أي الاشتراكية - تضفي المضمون الاجتماعي/ الاقتصادي/ الجماهيري على نضال الوحدة والحرية. ولقد أثبتت الأيام والسنون حاجتنا وحاجة الأمة المتعاظمة إلى هذه الأهداف، ونحن اليوم في ظل الهوان والذل الذي تعيشه أنظمتنا العربية نتحسس بشكل أكثر من أي وقت مضى بحاجتنا إلى تلك الأهداف ولولا تخلي تلك الأنظمة عنها لما وصلنا ما وصلنا إليه. إن تحقيق النضال من أجل تحقيق تلك الأهداف يعني النضال من أجل بلوغ الأمة مرحلة التمكين من أداء رسالتها الإنسانية الخالدة، وهذه الرسالة من وجهة نظر البعث - في جوهرها ذات الرسالة الإسلامية الخالدة التي نهضت بها أمة العرب بقيادة نبيها العظيم (ص).

ويقول: «إن فكر البعث - على الصعيد السياسي- كان يرى أن فلسطين هي القضية المركزية للعرب، وهي جوهر الصراع العربي - الصهيوني، بل ولكون الكيان الغاصب زرع في قلب الوطن العربي، حمل البعث شعار «فلسطين طريق الوحدة والوحدة طريق فلسطين». وهنا نقول أيضا إن السنوات الطويلة الماضية أثبتت صواب هذه النظرة وجوهريتها بالنسبة لنضال الأمة من أجل تحقيق أهدافها، واليوم نشعر وأكثر من أي وقت مضى مدى الأخطار التي تواجهنا في مواجهة التحالف الامبريالي الصهيوني ومخططاتهما التي لا تقتصر على بلدان المواجهة مثل مصر وسورية ولبنان بل تعدتها للعراق الذي أثبتت الوقائع والحقائق أنه استهدف ودمر واحتل بسبب مواقفه القومية ولاسيما تجاه فلسطين، كما تطال اليوم دول الخليج العربي أيضا من خلال فرض أشكال لتطبيع مع الكيان الصهيوني. لقد كان للبعث والعراق مواقفهما المتميزة من قضايا الصراع العربي - الصهيوني، وكذلك من كافة التحديات التي تواجه الأمة التي لا نجد المجال مناسبا للحديث عنها».

التطلع إلى المستقبل

ويضيف «كما كان هناك أبعاد أخرى إلى جانب الأبعاد الفكرية السياسية التي تميز بها فكر البعث أهمها الجانب الحضاري والتراثي، وكذلك جانب منهجية التفكير والاستدلال في تحليل الواقع واستشرافه. فالفكر القومي لدى المرحوم ميشيل عفلق، هو امتداد للدور التاريخي لعصر النهضة العربية عبر التاريخ، لأن الدور الذي اضطلع به مؤسس البعث - وأنا هنا اقتبس لبعض الكتاب - «قد نقل حركة النهضة العربية من طور التبشير بالفكرة القومية إلى بلورة المشروع الحضاري الحديث للأمة»، وبناء الحركة التاريخية التي تنهض بمسؤولية تحقيقه، فلم يعد الفكر القومي مجرد تنظير لمرحلة سياسية، وإنما أصبح دليلا للمرحلة التاريخية، فهو إعادة بناء لوعي الهوية القومية، وللتصورات المرحلية الاستراتيجية للعمل السياسي وللنضال الاجتماعي، وكذلك استشراف للمستقبل، ورسم للخطوات الآنية الظرفية وعلى وفق متطلبات المواجهة للتحديات الخارجية وللتناقضات الداخلية في الواقع العربي، فثمة مفهوم جديد للأيديولوجية وللسياسة للعمل القومي، يؤكد مستوى العمل التاريخي الذي تتطلبه المرحلة القومية وسط عالم يضج بالمتغيرات». ويضيف «لقد أصبح فكر البعث مصدر توثيق وتوكيد لقدرة الفكر القومي على تقديم أجوبة متكاملة عن الأسئلة المصيرية التي يطرحها النضال العربي في المرحلة التاريخية الراهنة. كما أن هذا الفكر أصبح مرجعا ودليلا منهجيا للمتطلعين إلى تجديد الفكر القومي، لأنه نظر أولا، إلى الفكر نظرة حية، فلم يفتش عن القوالب النظرية والنظريات الجامدة التي تدعي الكمال وأنها تمثل نهاية التطور التاريخي، وقمة الأيديولوجيات ونهاية التطور الحضاري... فبالمنهج العملي الثوري الحضاري الجديد، الذي ينطلق من واقع الأمة ككل وكأجزاء، استطاع فكر البعث أن يحقق الترابط بين حركة الفكر وحركة الواقع العربي، وأن يجعل من نظرة البعث نسقا من التصورات المنفتحة على التطور، تقتني بالتجربة النضالية... وبالتالي استطاع أن يحدد شروط الفهم العميق والتجديد الأصيل لفكر الأمة. «فلا تجديد بلا تأصيل وبلا تواصل وتكامل دائمين، بين الفكر النظري والعمل الميداني».

العدد 1703 - السبت 05 مايو 2007م الموافق 17 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً