ملحق «الوسط السياسي»، الصادر مع عدد اليوم، يتناول الأفكار والجهود التي بذلت منذ القرن التاسع عشر حتى الآن من أجل مشروع نهضوي عربي يقوم على مبادئ الوحدة بين البلدان العربية، وضمن إطار قومي جامع. وهذا كان محور نقاشات المؤتمر القومي العربي الذي عقد في المنامة بين 28 و30 أبريل/ نيسان 2007، وجمع مئات من مثقفي وناشطي الدول العربية تحت سقف واحد.
اجتماع المنامة ربما يدخل التاريخ لأنه جمع كل ألوان الطيف العربي، من أولئك المخلصين لمبادئ القومية، إلى الغارقين في تفتيت أوطاننا من أتباع الحركات التكفيرية التي تحرض على القتل والإرهاب.
المتناقضات التي بدت واضحة في المؤتمر القومي العربي عكست حال أمتنا التي لم تتمكن من تحقيق الحلم العربي في الوحدة، ووثائق المؤتمر تحتوي توصيفا دقيقا لما نمر به، وتحتوي على عدد من التوصيات التي - لو نفذت - بإمكانها أن تحرك المياه الراكدة في مشروع النهضة العربية.
منذ هزيمة 1967 والعرب يشعرون بالانكسار، وجاء احتلال الكويت في 1990 ليكسر ما تبقى من شعارات والتزامات أدبية بين البلدان العربية، وأصبح الحديث عن وحدة عربية من باب الذكريات أو الأحلام؛ لأن ما يجري على أرض الواقع أبعد ما يكون عن السير نحو وحدة عربية، ومفهوم الوطن العربي سيبقى جميلا ورنّانا في آذاننا، ولكننا جميعا نعرف واقع ما تمر به البلدان المكونة للوطن العربي.
شخصية جمال عبدالناصر الكاريزمية كانت ومازالت جاذبة لمن يحلمون بالأمة العربية الواحدة، على رغم هزيمة 1967... وسيظل عبدالناصر في وجدان العرب يذكّرهم بما يمكن أن تكون عليه حالهم فيما لو تحققت لهم وحدة في يوم من الأيام.
على أننا نعيش اليوم في زمن ربما تتوافر فيه جهات أخرى تنافس سمعة وهيبة عبدالناصر... فلدينا فضائية «الجزيرة» التي أصبح اسمها ينافس عبدالناصر في كل منزل عربي، وسواء اتفقنا أم اختلفنا مع ما يطرح في «الجزيرة»، فإنها اتخذت مسارا أهّلها للريادة على نطاق الوطن العربي في مجال الإعلام وإيصال الفكرة. لدينا أيضا أنموذج دبي، التي تطرح نفسها مركزا لنوع جديد من «الرأسمالية العربية»، وأصبح اسم دبي يقترن بتكوين وتكثير الثروات، واسمها أيضا متداول في كل منزل عربي، ينافس بذلك عبدالناصر، و «الجزيرة».
ثم لدينا التجربة العراقية الحالية، وهي التي اجتمعت فيها كل الاتجاهات والتناقضات والاحتمالات والخيارات، وهي مؤهّلة أن تغير وجه الوطن العربي فيما لو نجحت في إقامة نظام ديمقراطي جامع لمكونات المجتمع على أسس عادلة. ما يهمنا هو أن ننظر إلى ما يجري أمامنا، ونتعلم من التاريخ وننطلق نحو مشروع نهضوي قائم على التنوع والتعددية.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1703 - السبت 05 مايو 2007م الموافق 17 ربيع الثاني 1428هـ