الخجل كل الخجل, عندما يذهب البعض إلى التباكي في كتابات على أيام قانون أمن الدولة والمطالبة بعودته لصد من يتعرض إلى توجيه سمعة البحرين في الخارج.
هذا الكلام يناقض الواقع, فلو كنا بحق نؤمن بالتعددية والديمقراطية وبفتح قنوات الحوار والعمل على تنفيذ الوعود, لما احتاجت وزارة الداخلية إلى إصدار بيان يذكر البحرينيين بممارسات وبفترة سابقة غير مشرقة من تاريخ البحرين الحديث، إذ كانت سجون وطننا تكتظ بكل شكل ولون من سجناء الرأي، فبمجرد أن تقول رأيا يخالف الرأي الآخر وتطالب بالحقوق, فأنت تعامل كمجرم أو تنفى قسريا من دون وجه حق مع عائلتك التي تولد منها أجيال لا تعرف من البحرين سوى أنها بلد لا يعرف إلا العقاب وقمع حرية التعبير، وهي الجريمة التي عوقب بها آباؤهم بسبب إبداء الرأي في أمر يتعلق بتكافؤ الفرص والحرية والعدالة الاجتماعية. كل ذلك من أجل ماذا؟
إن تفعيل مطالب وحقوق الناس ليس صعبا، وهذا بلا شك لا يتحقق إلا في حال أقرت الحكومة بأخطائها في معالجتها للأمور كما هو الحال مع المعارضة والشارع, فهناك إيجابيات وسلبيات لكلا الجانبين، وهو لا يعني أن الحل باستخدام قانون الطوارئ من جانب الحكومة، فذلك لن يحل المشكلة بل سيزيدها تعقيدا كما هو حال تخريب الممتلكات العامة.
الحوار والنزول إلى الشارع والاستماع إلى مشكلات وقضايا الناس هو الحل الأمثل, واستمرار تجاهل الاحتياجات وصولا إلى ممارسات تثير فئة دون فئة, بكل تأكيد قد يقود إلى وضع لا نبتغيه، وخاصة أن القضايا المطروحة في الساحة اليوم لم تأت من فراغ.
لو كنا أكثر صدقا وأمانة في تعاملنا مع مشكلاتنا الداخلية التي بيدنا أن نحلها, لما وصلت الأمور إلى هذا المستوى بمعنى اللجوء إلى الخارج, لأنه ببساطة لا يوجد أحد في الداخل يريد الاستماع إلى الطرف الآخر وحل مشكلات المواطن العالقة منذ فترة طويلة التي تفاقمت مع سياسات التجنيس وأثرها السيئ على التركيبة السكانية المبنية على فرضيات تناقض الرؤى المستقبلية للبلاد على رغم تردي مستوى الخدمات وعدم زيادتها مع ازدياد الطلب.
ويكفي أن أذكر كلاما ذكره قبل عامين أحد الصحافيين القدامى المحسوبين على كتابة الأخبار والمانشيتات «الكاذبة» و «الخادعة» عن البحرين في إحدى الصحف المحلية ضاحكا وبإقرار منه أنه لو صدق كل واحد منا في ما يكتب عن البحرين, فإن تلك هي الجنة المستحيلة والمكان الأمثل من كل دول العالم...
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2256 - السبت 08 نوفمبر 2008م الموافق 09 ذي القعدة 1429هـ