ملحق «الوسط السياسي» المرفق مع عدد اليوم خصص لتغطية انتصار باراك أوباما في الانتخابات الأميركية الثلثاء الماضي، وهوانتصار وجده البعض تعبيرا عن «المعجزة الأميركية» التي يمكن أنْ تستوعب وصول أميركي من أصل إفريقي إلى رأس هرم السلطة، بينما اعتبره آخرون «المنقذ» للأميركان (وربما العالم) من مآسي الأزمة المالية العالمية وسيئات سنوات بوش، وهناك مَنْ رأى في انتصاره استنشاق نسمات تحررية وانطلاقة نفسية كبيرة، بينما وجد فيه معلّقون آخرون أنّ أيّ شخص مهما يكن مستواه سيكون أفضل من جورج بوش وخليفته الذي كان سيسيرعلى دربه جون ماكين.

الكثير من المعلّقين كتبوا آراءهم بشيء من الغبطة والحذر، ولاسيما أنّ شخصية أوباما الجاذبة للآخرين، ومنطقه الواضح للجميع أعطت إيحاءات مباشرة بأنّ سنوات الاحتقان والتوتر التي أشرفت على تغذيتها إدارة بوش في العالم خلال السنوات الثماني الماضية ربما آن أوان انتهائها.

على أنّ هناك مَنْ تحدّث عن خطورة اعتبار أوباما «منقذا»، وكان أوباما نفسه قد حاول خفض التوقعات عندما تحدّث لجماهيره في شيكاغو بعد انتصاره، وأشار إلى احتمال عدم قدرته تحقيق الأهداف التي أعلنها في سنة واحدة أو فترة الأربع سنوات من رئاسته. كما أنّ فكرة «الزعيم المنقذ» تنتشر في بلدان متخلّفة سياسيا، وهناك مَنْ يخشى أنْ تصل إلى الأميركان.

في أميركا لايُوجد شخصٌ واحدٌ تعتمد الحياة عليه، بينما في البلدان المتخلّفة تسمع وتقرأ أنّ الزعيم هو «المنقذ» وأنه لولاه لما كانت هناك حياة لشعبه أو بلاده أو أنصاره... كما ترى أنّ مثل هذه الثقافة تنتشر لدى رؤساء الدول ورؤساء الأحزاب والجماعات في مجتمعاتنا.

وعليه فإنّك ستسمع أنّ فلانا من الناس هو «الوحيد» القادر على الإمساك بالأمور، وأنّه لايُوجد مطلقا مَنْ يخلفه في زعامته، وأنّ البلد أو الأمّة أو الجماعة تعيش تحت رحمة أنفاسه، وأنّه يتوجّب أنْ تسلم الرقاب ويستسلم الجميع لمصيرهم الذي ارتبط بشخص واحد فقط بصفته «منقذا».

انتصار أوباما خلق نشوة لدى الكثيرين، وهذه النشوة دفعت البعض للتحدّث عنه بصفته «المنقذ»، ولكنه ليس منقذا؛ لأنّه لا ضمان لنجاحه في سياساته. ولكن، ومن دون شك فإنّ انبعاث مشاعر الارتياح لوصوله إلى قمّة الهرم في السلطة التنفيذية لأقوى قوّة على وجه الأرض حاليا، سببه نشر ثقافة إمكانية تحقيق الأهداف بالاعتماد على الكفاءة، وعدم الخضوع للأعراف التي تقول لكَ إنك لاتستطيع إنجاز أيّ شيء؛ لأنك من خلفية مختلفة عن الذين يمسكون بزمام الأمور