لعلّ أكثر ما يدعو للتأمل والتحليل في موضوع فتح كتلة الوفاق النيابية لملف استجواب وزير شئون مجلس الوزراء أحمد بن عطية الله آل خليفة هو توقيت فتح هذا الملف. لقد كان من المتوقع/ أو المنتظر ربما للوفاق أن تفتح هذا الملف منذ دخلت قبة البرلمان. ولربما كان المراقبون يتوقعون أن تفتحه بمجرد أن تدخل. فموقف الوفاق واضح ومحدد ومعروف من هذا الوزير، ولا ننسى الاحتجاج الذي عبّرت عنه مسبقا بعد إعادة توزيره، كما لا ننسى الأسئلة النيابية المتكررة التي تقدّم بها نواب الوفاق للوزير الواحد تلو الآخر. فالخطوة إذا في حد ذاتها متوقعة ومنطقية، والاستجواب كما عبّر كثيرون من الوفاق نفسها « قادم لا محالة». غير أن السؤال الذي يأبى أن يغيب عن الصورة هو لماذا في هذا التوقيت بالذات، لماذا بعد انتظار نحو أربعة أشهر يفتح هذا الملف الشائك الآن، والدور التشريعي شارف على النهاية، والأوضاع النيابية بين الكتل السياسية هادئة، ولكنها تشي بغليان قريب؟
لا يمكننا أن نغفل لو أردنا أن نجد إجابة لهذا السؤال الضغوط التي تتعرض لها كتلة الوفاق النيابية من جماهيرها في الشارع. فشعبية الوفاق وضعت على المحك كأثر من أي وقت مضى بعد أن دخل أعضاؤها البرلمان، كانت التوقعات كبيرة، والأحلام وردية، غير أن لا شيء تقريبا مما تحرّكت عليه من الداخل حتى الآن يرضي تلك الجماهير التي طال انتظارها لتحريك ملفات عالقة كثيرة. الوفاق بتحريكها هذا الملف وضعت على الطاولة إحدى أقوى أوراق اللعب، ورقة كفيلة لا شك في أن تستقطب الأنظار إليها مرة أخرى.
لماذا هذا الملف وفي هذا الوقت بالذات؟ التفسير الأول تبناه البعض بقولهم بوجود صفقة قامت بها الوفاق لتحييد أعضاء كتلة المنبر الإسلامي في هذا الموضوع، في مقابل أن تسقط الوفاق رفع الحصانة عن النائب محمّد خالد في القضية التي رفعها عليه رئيس تحرير جمعية الصحافيين عيسى الشايجي. وهو التفسير الذي نفاه النائب جواد فيروز تماما بالأمس مؤكدا أن قرار رفع الحصانة «لم يتم الاتفاق عليه بعد».
التفسير الآخر والأقرب ربما هو أن الوفاق بدأت تشعر بانخفاض جماهيريتها أمام الناس، فقررت أن تلعب بورقة تعيد لها تلك الجماهيرية بأسرع وقت ممكن، وتشجعها على العمل.
غير أننا لا يمكن أن نغفل في هذا الصدد أن الفصل التشريعي قريبا ما ينتهي، وهو ما تعرفه الوفاق جيدا، وكثير من القراءات الحالية تنبئ بسقوط مقترح الوفاق بالاستجواب إن لم يكن بفعل الكتل النيابية، فسيكون بنهاية الفصل التشريعي الذي يسقط معه الاستجواب. ولا يمكننا أن نتوقع أن تكون الوفاق غافلة عن هذه المعلومات. وهنا يأتي السؤال: كيف تطرح مشروع استجواب بهذا الحجم والأهمية لجماهيرها، وهي تعلم علم اليقين أن مصيره سيكون الفشل بنسبة لا تقل عن تسعين في المئة؟
لهذا الأمر عدة تفسيرات، فإما أن تكون الوفاق متفائلة جدا بالعشرة في المئة المتبقية لتحريك هذا الاستجواب، وإما أن تكون لديها خطة محددة وواضحة اتخذت لها عدة خطوات - وهو ما ينسجم مع فكرة الصفقة مع المنبر التي تبناها البعض-، وإما أن تكون المسألة كلها بالونة اختبار تقوم بها الوفاق في هذا الوقت لتعرف من خلالها النتائج وتقيس على أساسها الخطوة التالية. ويبدو التفسير الأخير منطقيا جدا ومفيدا للغاية بالنسبة إلى الوفاق ؛لأنه يجعلها رابحة في كل الأحوال. فطرح موضوع الاستجواب في هذا الوقت سيرضي جماهيرها أولا، ويعطيها مؤشرات عن تقبل الأطراف المختلفة ومنها الكتل النيابية للموضوع، كما سيعطيها مؤشرا عن ردة فعل الحكومة. وحتى لو انتهى الأمر بشكل سلبي فسيكون عذرها بأنها طرحت الملف وحاولت تحريكه، ولن يمنعها الأمر من طرح الملف مرة أخرى بطريقة مختلفة تستفيد فيها من تجربتها الأولى.
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 1702 - الجمعة 04 مايو 2007م الموافق 16 ربيع الثاني 1428هـ