يبدو أن السوبر ومن أو «المرأة الخارقة» قد وصلت إلى مجتمعاتنا أيضا، فإذا كان من الطبيعي أن نرى في بعض المجتمعات الغربية سيدة تمارس أدوارا متعددة في حياتها ما بين الأمومة والعمل، أو حتى الاشتراك في برامج دراسية، بحيث يمكنا القول إنها تشغل حياتها بمختلف النشاطات، فإننا حتى وقت قريب لم نكن نرى الكثير من نسائنا قادرات على الاندماج في أكثر من نشاط أو دور واحد في حياتها، فإما الأمومة، أو العمل، أو متابعة الدراسة، لينتهي بها المطاف بعد تخرجها بالتفرغ للأمومة والحياة الزوجية.
إلا أننا في السنوات الأخيرة، بدأنا نرى أمهات عاملات ومندمجات في نشاطات كثيرة، فغالبا ما كانت الظروف الاقتصادية الصعبة لدى الكثير من الأسر تفرض على النساء مؤازرة الرجال في تأمين متطلبات الحياة. اليوم بتنا نرى عددا لا بأس به من النساء المتزوجات، والأمهات، والطالبات ، والعاملات أيضا، وبسبب كثرة مهامهن أطلقنا عليهن لقب النساء الخارقات أو «السوبر ومن»، فتجد المرأة ساعية طيلة اليوم لتوازن ما بين مهامها الكثيرة، التي تولي بعضها الأهمية و تُنحي بعضها الأخر لحساب الأهم.
الإشكال يكمن هنا في أن هذه المهام الكثيرة تربك حياتهن، ما يجبر بعضهن على التقصير في بعض الجوانب لتغطي الأولويات، والتي تتنوع، ما بين غالبية تولي الأطفال والأسرة المرتبة الأولى، لتشارك أخريات مرتبة الأسرة ببند العمل، الذي برأيهن يضمن الاستقرار المادي لأسرهن، وبالنتيجة تتنوع طرق ضبط الأولويات، إلا أن كثرتها وإثقالها على المرأة أمر ثابت.
تقول نوال البلوشي (23 عاما)، الإنسان لديه طاقة محددة، كيف تدرس الطالبة ولديها أولاد وزوج، وامتحانات، لا أعتقد أن هناك إنسانا يستطيع أن يتحمل هذا كله، من المؤكد أنها ستغطي جانبا ما وتهمل جانبا آخر، خصوصا، وأنها امرأة ولها طاقة معينة. فإذا كانت هذه المهمة صعبة على الرجل، فما بالك بالمرأة. تعتقد البلوشي أنه لابد من أن تتخلى المرأة المتزوجة عن بعض الأمور أحيانا، وترى نوال أن الحلول قد تكون من خلال تأجيل العمل، أو الانسحاب من الفصل الدراسي، وتضيف أخيرا «أعتقد أن المرأة المتزوجة لابد أن تعطي زوجها و أولادها الأولوية، إلى حين توافر وقت كاف للتفرغ لمهمات أخرى». ولعل الإشكالات والمعوقات أمر قد يواجه أي عمل في حياتنا، ولهذا دائما نلجأ لإيجاد نوع من الحلول، بعض النساء تلجأ لأهلها لمساعدتها في تأمين رعاية لأطفالها في أوقات انشغالها، والبعض الأخر يلجأ لدور رعاية الأطفال (الحضانة) إلا أن هذا الخيار يتطلب وصول الطفل لسن معين لكي يُقبل في حضانة الأطفال، فيما تلجأ أخريات إلى تنظيم أوقاتهن بحيث يتناوب الوالدان على رعاية الأطفال، وإن كان عدد الناس المطبقين لهذه الطريقة أقل من غيرهم بسبب ظروف أوقات العمل و الدراسة عادة. البعض الأخر يرى أنه لا بد من التضحية، فسهام (22 عاما)، وهي طالبة جامعية تقول «في مثل هذه الحالات لابد من أنه يكون هناك ضحية، إما الزوج والأطفال أو العمل، غير أن الضحية غالبا ما يكون الزوج والأطفال»، غير أنها لا تنفي أن هذه المرأة على حد تعبيرها «مجاهدة»، وترى أن في «التنظيم» حل لمثل هذه المشكلة.
في مقابل النساء المتعددات المهمات، عدد كبير من النساء يرفضن أن يقحمن أنفسهن في عدة انشغالات لاعتبارات كثيرة، وغالبيتهن يولين الأطفال والمنازل الأولوية التي لا ينازعها على مركزها الأول أي شيء، ويفضلن الانسحاب من الدراسة لفترة حتى إيجاد حل لمكان أمن يمكن ترك الأطفال فيه، من دون أن ننسى أيضا أن الكثير من الفتيات والأهالي يفضلن تأخير زواج بناتهن لما بعد التخرج، وإن كانت هذه القاعدة قابلة للكسر في حال (جاء النصيب) على حد تعبير البعض.
العدد 1702 - الجمعة 04 مايو 2007م الموافق 16 ربيع الثاني 1428هـ