شهدت السنوات العشر الماضية اقتحام البحرينيات مهنا كانت قاصرة على بعض الجنسيات العربية والأجنبية، ويحول الخجل أو الظروف الاجتماعية دون دخولهن، ومن هذه المهن «الحناية». ففي الفترة الماضية كسرت بحرينيات كثيرات كل الحواجز وبدأن تعلم وممارسة هذه المهن حتى وإن كان في منازلهن تجاوب مع بعض العوامل التي لا تتيح لهن فتح صالونات.
ومع الوقت تكتسب هذه التجربة نجاحا وأفرزت أسماء كثيرة لبحرينيات صرن ينافسن بنات الجنسيات الأخرى في هذا المجال ويحظين بإقبال كبير منهن «الحنايات»: زينب، وفاطمة وجميلة، ونرجس، نورة، بدرية، ليلى، ومريم، وعبير. «ألوان الوسط» اتصلت بالكثير منها، وأجرت معهن حوارات ممتعة فكانت كالآتي:
منافسة الهنديات والباكستانيات
«أم نورة» (حناية من الرفاع)، بدأت لديها هواية عمل نقوش الحناء منذ الصغر، ووجدت التشجيع من الأهل والأقرباء لتخوض هذه المهنة. وتقول أم نورة عن «مهنة الحناية» إنها: «هي بمثابة رحلة بحث طويلة في عالم التزين والجمال، لأنامل ناعمة ابتدعته وطورته، انه فن مفعم بالجمال، والدفء، والإثارة... ظل على مدى عصور، فنا شعبيا له عشاقه ومريدوه وواحدا من عناصر الإثارة المجملة لا جزاء الجسد الظاهرة لدى المرأة... هو تراث شعبي حتى وإن امتهنته أجنبيات مثل الهنود والباكستانيات». وأشارت أم نورة إلى أن مهنة «الحناية البحرينية» ومنذ ما يزيد على خمس سنوات أصبحت هي الرائجة في ظل منافسة الحنايات الهنديات والباكستانيات. وتضيف «نحن نأخذ على النساء اللاتي يردن نقش حنا مبالغ أقل من تلك التي تأخذها الأجنبيات، كما أننا بتنا نعرف جميع النقوش (الهندية والباكستانية والسودانية)، بل بات الحنة البحريني أجمل من حنة الأجنبيات في النقش، إذ إننا نطور فيه كثيرا».
رائحة الحنة تفضح ليلى
الحنايتان ليلى وفاطمة (شقيقتان من المحافظة الجنوبية)، يقلن عن مهنة الحناية: «في البداية كنا نحس بالإحراج من أن نلقب بلقب «حناية»، ولكن مع تشجيع الأهل والمعارف قل هذا الإحساس، فالنقش بالحناء ليس مهنة يستطيع الكل العمل فيها... نحن كحنايات نعتبر أنفسنا فنانات مبدعات».
وعن المواقف المحرجة التي حصلت للحناية ليلى خلال ممارستها للمهنة، فأجابت: الموقف حدث عندما كنت طالبة في أحد المعاهد، طلبت مني زميلاتي أن أحنيهن في وقت الفراغ في اليوم التالي، وفعلا أحضرت معي الأقماع وفي وقت الفراغ قمت بنقش أيدي زميلاتي وطبعا للحناء رائحة نفاذة انتشرت في المعهد وبينما أنا منهمكة في نقش الحناء سمعت صوت يقول: الله الله والله المعهد صار كوافير... رفعت رأسي وإذ بها مديرة المعهد مع إحدى المشرفات، وتم توقيعي على تعهد بعدم تكرار الأمر.
لا موسم معينا للحناء
جميلة (حناية من المحافظة الوسطى) تجيب عن سؤال بشأن موسم الحناء، فتقول: «ليس هناك موسم معين للحناء، بل هو مزدهر طوال العام، ما عدا شهري محرم وصفر... حتى أن أكثر النساء لا يشعرن بفرحة دخول شهر ربيع الأول إلا بوجود الحناء على الكف والقدمين».
وتضيف جميلة «أنا ووالدتي نعمل معنا في هذا المجال... فوالدتي (أم محمد) معروفة بحناها الزين... حناها يغمق، ويدوم فترة طويلة، هي تعجنه بمواد طبيعية 100 في المئة... وأنا بدوري أشتري منها الحناء لأنقشها على كفي وقدمي زبوناتي».
مهنة متعبة لكن هذا رزقي
مريم (حناية من المنامة) تقول: «الحنايات دائما يعانين من آلام من الرقبة والظهر، إذا تتطلب منا المهنة أن نعتمد على هاتين المنطقين... نحن نتحمل الآلام لأن الحناء رزقنا». وتضيف «أنا أخذ ربع ساعة في نقش اليد للفتيات وأخوات العروس، بينما أخذ ساعتين أو أكثر في العروس... علما بأننا كبحرينيات نتحمل تأخر العروس عن موعدها، بالإضافة إلى أن ما نأخذه عليهن أقل مما تأخذه الأجنبيات».
سيارة وساعة
زينب (حناية من سترة) تقول: «إذا كنت ماهرة في نقش الحناء وتتمنين أن تصيري حناية، يجب أن تتوافر لديك سيارة وساعة... السيارة حتى تتنقلين بها من مكان إلى آخر، أم الساعة فهي لتعلمي الانضباط في الوقت والمواعيد».
أسعار بسيطة مقابل تعب
عن أسعار الحناء، يبدوا أن الحنايات البحرينيات متفقات على الأسعار، فهن يقلن: «الصغيرة نأخذ عليها 500 فلس عن كل يد ودينارا عن كل رجل، أما الكبار فنأخد عليهم دينارا عن كل يد ودينارين عن كل رجل... في حين أننا نأخذ على العروس من 20 إلى 25 دينارا».
العدد 1702 - الجمعة 04 مايو 2007م الموافق 16 ربيع الثاني 1428هـ