لا توجد لدينا في البحرين صناعة سينمائية. هناك فقط محاولات فيلمية لا يتجاوز عددها أصابع اليد. ولنتذكر هنا، أن مخرجا مرموقا من وزن بسام الذوادي لم ينتج سوى 3 أفلام طوال مسيرته الفنية. وإذا كان الحال هذا، فإن أملا بقيام مثل هذه الصناعة، أو نموها مستقبلا، لا يوجد. فالتوجه الحكومي غير موجود، ووزارة الإعلام يكفيها ما يقع على كاهلها من هموم وقضايا.
على الجانب الآخر، فإن الشركات الخاصة وإن بدت جادة في سعيها لإنشاء مثل هذه الصناعة، إلا أنها تصطدم بكثير من المعوقات. لعل أهمها قلة الطاقات البشرية المتخصصة سينمائيا سواء على مستوى الإخراج أو التمثيل أو حتى الإمكانات الفنية والتقنية. هذا طبعا عدا عن مواجهتها لأول حقيقة مرة تتمثل في عدم تمكنها من تسويق إنتاجاتها السينمائية لا محليا ولا عربيا. كيف إذا كان الحال... عالميا.
في المقابل، هنالك حركة شبابية نشطة تتوجه نحو صناعة الأفلام، وإن كانت لا تزال كلها تدور في إطار الأفلام القصيرة أو التوثيقية. بيد أنها في نهاية المطاف تصب في مجال صناعة السينما. هذه المحاولات، وإن كانت الجهات الرسمية لا توليها أدنى اكتراث، إلا أنها تفعل ما بوسعها لإثبات وجودها، إما عبر غزارة الإنتاج وتنوعه، أو عبر سعي تلك الطاقات لعرض إنتاجها. مهما بدا متواضعا وبسيطا، وفي أية فرصة ممكنة.
وقد يصح القول إن هذه المحاولات تشكل ما يمكن أن يطلق عليه «سينما بديلة»، أو دعنا نقل «محاولات بديلة». على الأقل، لأنها - في معظمها - تقع خارج إطار المؤسسة الإعلامية والسينمائية الرسمية لدينا. أقصد هنا وزارة الإعلام، ورقابتها البعيدة إلى حد ما عن مفهوم الإبداع والفن، وشركة البحرين للسينما بصفتها الجانب السينمائي الرسمي.
لكن كيف يمكن ذلك، أي كيف يمكن اعتبارها «سينما بديلة» بينما لا يوجد لدينا سينما أصلا؟. لنسمها - إن شئنا - سينما مستقلة تبتعد كل البعد عن يد الرقابة التي لا ترحم. وإن فعلت ذلك، فقد جاء القصاص من المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. هذا المجلس الذي يصعب فهم كيفية تمكن أعضائه، وغالبهم رجال دين، من تقييم المنتج الفني والسينمائي. هي ليست سينما بديلة إذا، والمصطلح أصلا مرفوض لأسباب كثيرة، أهمها ما يستطبنه من اتهامات للجانب الإعلامي الرسمي أو الشركات التجارية بانحيازهما إلى مصالح سياسية أو اقتصادية. طبعا السينما البديلة تبدو هي الأخرى منحازة إلى أيديولوجيات أو آراء سياسية معارضة أو منشقة، لكنها على أي حال ستكون أقرب إلى ما يسمى بسينما الواقع المعبرة عن طموحات مجتمعها وهموم أفراده.
ويرفض أحدهم المصطلح لما قد يجد في مضمونه اللغوي من دلالات تحيل على التهميش الواقع على صانعي هذا النوع من السينما. وفي الواقع، فإن هذا ما يفسر أن كثيرا من المؤسسات الإعلامية والسينمائية التي يفترض تشتغل في إطار هذا النوع من السينما قد توجهت الآن لوصف منتجها بالمستقل. لا يقال سينما بديلة إنما سينما مستقلة وإعلام مستقل. على الأقل فإن الاستقلال يعطي إيحاء بأن المنتج الإعلامي أو السينمائي خالٍ من ضغوط الحكومات أو الشركات المالكة، وأن تأثيراته تصل إلى ما وراء جمهور محدد.
أين يمكن أن تقع أفلام شبابنا، القصيرة والتوثيقية؟. وهل يمكن اعتبارها بدايات تأسيس سينما بديلة أو مستقلة، خصوصا إذا ما تهيأت الظروف المادية والبشرية، وقبل ذلك السياسية لخلق مثل هذا الأساس؟. هل يمكن ذلك حتى لو كان الناتج سينما مستقلة «على قد الحال»!
إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"العدد 1700 - الأربعاء 02 مايو 2007م الموافق 14 ربيع الثاني 1428هـ