الأخبار الواردة من «إسرائيل» اليومين الأخيرين تفتح الشهية للكتابة، وخصوصا بعد صدور تقرير لجنة «فونوغراد» الذي وصف وزير دفاعهم عمير بيريتز الذي سيستقيل سريعا، بعد وصفه بأنه يفتقر إلى الخبرة؛ ورئيس هيئة الأركان دان حالوتس بأنه لا يفهم التكتيكات ولا الاستراتيجيات! وكاد يصف رئيس وزرائهم إيهود أولمرت بالغبي عندما قال عنه بأنه «اندفع من دون تفكير متأنٍ، ومن غير خطة تفصيلية أو أهداف واقعية»! (ما خلاّ شيء فونوغراد الملعون)!
«الذكي» أولمرت لم يحصل على أكثر من 2 في المئة في آخر الاستطلاعات الاسرائيلية قبل شهرين، فكم سيحصل هذا الأهبل لو أجري استطلاع جديد بعد نشر التقرير؟ واحد في المئة أو نصف في المئة! نحن لا نريد التحامل على الرجل، ويكفيه ما فيه، ولكن من أكبر أدلة غبائه انه بعد كل هذه الفضيحة و «البهدلة» (راكب راسه) ومصرّ على البقاء في منصبه، على رغم كل المطالبات بالاستقالة، ليس فقط من قبل الرأي العام بل من غالبية أعضاء حزبه (كاديما) الذين انقلبوا ضده، حتى وزيرة خارجيته ليفني أخذت تتآمر عليه لإسقاطه، فليس هناك أحدٌ مستعدٌ أن يدافع عن غبي، أو يشارك في حكومةٍ يقودها شخصٌ أحمق!
أولمرت كان جوابه حازما على المطالبين باستقالته: «من غير الصائب تقديم استقالتي، وليست عندي نية للاستقالة»! الظاهر أن الرجل يطبّق المثل العربي الشهير: «يا جبل ما يهزّك ريح»، فمادام هو رئيس الوزراء الشرعي والوحيد فسيبقى حتى آخر يوم في ولايته، حتى لو حصل على صفر في المئة في استطلاعات الرأي المحلية، وحتى بعد أن تيقّن العالم كله من صحة وصف السيدحسن نصرالله له بأنه أغبى رئيس وزراء في تاريخ «إسرائيل»!
ثبات أولمرت الأسطوري على موقفه «الجبلي»، دفع الكثير من المحللين إلى البحث عن الأسباب، وهكذا بدأت تسريبات مختلفة، أحدها يقول إنه تسلّم رسالة عن طريق الفاكس من إحدى العواصم القريبة تؤكد وقوفها إلى جانبه في هذه الأزمة الطارئة التي ستزول قريبا، وإن «الشعب الإسرائيلي الشقيق» سيكتشف أن ما تحقّق في لبنان هو انتصارٌ عظيمٌ لم يدرك أبعاده بعد، بسبب ما تعرّض له من تضليل في أجهزة الإعلام المغرضة مثل قناة «المنار».
تسريبٌ آخر بأن أولمرت تلقى اتصالا هاتفيا من عاصمةٍ مجاورةٍ أخرى، تشدّ على يديه وتطالبه بضرورة الصمود والتصدي لدعوات الاستقالة الهدّامة، التي تهدف إلى شق صفوف الشعب الإسرائيلي، بما يقوّض جهوده المخلصة للتوصل إلى سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.
على أن هناك رسالة أخرى أكثر سرّية وصلت عن طريق البريد السريع جدا، للرئيس المفترى عليه أولمرت، تخاطبه بلغةٍ عاطفيةٍ للتهوين عليه من أثر الاستطلاعات، تقول ديباجتها: «ارفع رأسك يا أخي... كل اللي مضجرنّك الاستطلاعات؟ وش قيمتها؟ احنه بعد عندنا استطلاعات، تدفع كم روبية لمركز بحوث ويأتيك الاستطلاع بعد ساعتين حسب ما تريد! إمزعّل نفسك على استطلاعات؟! خلّك ريّال وشد حيلك، ولا يؤثر فيك التلفزيون ولا صحافة ولا سخافة. إنت قدها وقدود، ترى ورانا عمل طويل، وسلام شامل ودائم في منطقة الشرق الأوسط»!
المصدر السري الذي رفض الكشف عن اسمه، ويبدو انه كان حاضرا أثناء تسلّم الرسالة، يقول بأن أولمرت لما وصل نهاية الرسالة سالت على خده دمعة، وشعّت عيناه ببريقٍ خاطف، ونهض واقفا وهو يلوّح بالرسالة، وصاح مبتهجا، وكأن شحنة كبيرة من المعنويات تدفقت على قلبه: «That is right my friend… الأغبياء وحدهم من يستقيلون».
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1700 - الأربعاء 02 مايو 2007م الموافق 14 ربيع الثاني 1428هـ