المجلس النيابي، والنواب، والحكومة أيضا أمام امتحان صعب، عدم النجاح فيه يعني مزيدا من عدم الثقة في التجربة الجديدة التي اعتبرها البعض أكثر نضجا من تجربة 73 وهو أمر لا يمكن إثباته إلا بالدليل العملي على مسرح الرقابة تحت قبة البرلمان. ولو نظرنا إلى الوراء بلمحة لوجدنا أنه لم يكن عجز مجلس النواب السابق عن إدانة الوزير المسئول عن صندوقي التقاعد والتأمينات أقل سوءا من عجز الصندوقين أنفسهما، فالأول كان عجزا رقابيا، والثاني كان عجزا ماليا، والعجزان يحتاجان إلى تحقيق! وتكرار السيناريو ذاته هذه المرة أمر يجعل التجربة الجديدة في حرج شديد، فلن يكون معنى لمجلس عليه المعول في رقابة الحكومة وهو لا يستطيع المساس بشعرة واحدة من رأس وزير، ولا أظفر واحد من أصبع مسئول.

التقرير الذي أثار إعصارا من التساؤل والاستفهام وسط صمت حكومي رهيب، والذي منعت النيابة العامة نشر كل ما يتعلق به، وكأن من استهدفوا على صفحاته قطيع من الماعز، أو سرب من الغربان، كان من الضروري منذ أن وخز آذان الناس، وأوجع مشاعرهم وضعه على طاولة البحث علنا، هذا إن كان للشفافية نصيب في معالجة قضايا الوطن. لذلك، أمام البرلمانيين بمختلف مشاربهم امتحان مصيري صعب، فما ورد في تقرير الخنجر ليس أقل من خنجر يراد به ذبح الوطنية والوطن.