اليوم، 3 مايو/ أيار، هو اليوم العالمي لحرية الصحافي... هكذا قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1993، واليوم تم اختياره لكن في مثل هذا اليوم وفي العام 1991 اجتمع صحافيون أفارقة في ناميبيا، برعاية منظمة اليونيسكو، واتفقوا على الالتزام بمبادئ تؤدي إلى قيام صحافة مستقلة وتعددية في إفريقيا. وهذه الوثيقة تم اعتمادها من قبل اليونيسكو، واعتبرت محتوياتها مقياسا للصحافة التي تحث على انتشار السلم الأهلي والتنمية وحقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية. الوثيقة قالت إن استقلالية الصحافة تعني فك القيود الحكومية والسياسية والاقتصادية عن كل التسهيلات والإمكانات التي تتطلبها المؤسسات الصحافية، وقالت إن التعددية تعني منع احتكار جهة واحدة أو رأي واحد للمحتوى الصحافي، وان الصحافة هي الوسيلة التي يمكن من خلالها التعبير عن طموحات الإنسان، ولذلك فإن حريتها هي حرية الإنسان وطموحاته.
في العام 95 قبل الميلاد، تم اختراع الورق في الصين... وبقي الورق محصورا في أماكن محدودة إلى أن اكتشفه المسلمون في العام 751 ميلادية بعد حرب وقع خلالها أسرى صينيون. وكجزء من تقاليد المسلمين، فإن الاسير الذي ينقل علومه وخبراته إلى المسلمين يتم إطلاق سراحه، وهو ماحصل عندما قام الصينيون بتعليم المسلمين صناعة الورق. ومن هناك حدثت نقلة نوعية في العلوم والمعرفة بسبب انتشارها على الورق، وأصبحت بغداد (آنذاك) أهم مركز لجميع العلوم في العالم.
في العام 1439 اخترع العالم الألماني يوهان جوتنسبيرغ المطبعة، ومع منتصف القرن الخامس عشر انتشرت الكتب المطبوعة. غير أن رد فعل المسلمين اختلف عن العام 751... فقد أصدر المفتون العاملون لدى الدولة العثمانية بأن استخدام المطابع لطباعة الكتب «حرام»، واستمرت هذه الفتوى سارية المفعول أكثر من 200 سنة، حتى العام 1720. في هذه الفترة خصوصا، انطلقت الحضارة الغربية وانتكست حضارة المسلمين، وأصبحنا في مؤخرة الركب الإنساني، وانتقل ما لدينا من علوم إلى إيطاليا ومن هناك إلى باقي الدول الأوروبية التي خرجت من عصورها المظلمة، بينما دخلنا نحن عصورنا المظلمة التي سادها الجهل واحتقار العلوم والمعرفة وتولى الظالمون شأن المسلمين.
واليوم نحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة بعد أن تنفست بعض مناطقنا هامشا من حرية التعبير، ولكنه حرية تعبير مازالت مقيدة بقانون سيء جدا، وقد صاحبنا هذا القانون منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2002... وقد نادينا بتعديله بما يتلاءم مع مشروع الإصلاح، ولكن لم يستجب لنا البرلمان الذي انعقد مابين 2002 و2006... والآن لدينا برلمان جديد، يحتوي على نواب من المعارضة، ولكن إلى حد الآن لم نرَ أي تغيير في المسار ولم نرَ أي حماس نحو حرية التعبير... بل إن هناك بعض الأمور التي حدثت وهي لا تختلف كثيرا عن عهود مضت وكانت تنظر إلى المطبعة وحرية الكلمة على أساس الشك والريبة والحرمة. آمل أن نرى ما يفرحنا في يوم حرية الصحافة، وآمل أن يتحرك البرلمانيون ليثبتوا للتاريخ أنهم ليسوا مثل العثمانيين الذين حرّموا المطبعة أكثر من قرنين من الزمان.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1700 - الأربعاء 02 مايو 2007م الموافق 14 ربيع الثاني 1428هـ