العدد 1699 - الثلثاء 01 مايو 2007م الموافق 13 ربيع الثاني 1428هـ

والدتي السعودية... انتصرت

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

نشأت في الشقيقة الكبرى السعودية وليس في هذا ما يهمكم. الذي قد يكون مهما هي تلك الحوارات والجدالات التي كانت تدور بين والديّ، والتي كانت تصل حد «المعايرة» بين الأب «البحريني» والأم «السعودية».

والدي - رحمه الله - كان يتباهى بالحرية والتعددية والسينما في البحرين، ولي أن أذكر لكم كان يوم الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول يوما تاريخيا لوالدي، فقد تشفى كثيرا وبكل ما استطاع من قوة في والدتي. أما والدتي «الإسلامية المتعصبة» فقد كانت تتحدث عن انفكاك أخلاقي في البحرين وهو بالمناسبة ما كان يمنعنا نحن - الأطفال السعوديون بالنسبة إلى والدتي - من زيارة البحرين من دون رقيب، يكون محط ثقة لدى والدتي.

طقس «المدرسة» كان مشابها لطقس منزلنا الذي كان يحتدم فيه النقاش كل ليلة، كان زملاء المدرسة يغبطوني ببحرينيتي. وكانت الصورة المتخيلة عن البحرين لدى زملائي تقتصر في أن البحرين هي دولة «الحرية» إذ تنتشر المقاهي والسينما والمظاهرات.

بالنسبة إلي، كنت - ومازلت - مجبرا على «الدفاع» عن البحرين مع السعوديين مهما كانت موضوعة النقاش، حقا أم باطل. وفي السياق نفسه، مجبرٌ أيضا على «الدفاع» عن السعودية مع البحرينيين. في طفولتي، كنت أتذكر أن «الحرية» كانت نقطة القوة التي أرتكز عليها في الحوار مع زملاء المدرسة، فحين تميل الأمور ضدي أرمي بورقة «الحرية»، فيصمت الجميع ويقرون بذلك.

تذكرت بالأمس كل ذلك، أما سبب العودة بالذاكرة لأيام مضت هو الإرهابي «بن لادن» الذي كان سبب انتصار «والدي» على «والدتي»، ولعل الله أراد لأبي الخير أن يتوفاه قبل أن يعطي لوالدتي الفرصة في أن تعيد له الصاع صاعين. ماذا سيكون موقف والدي لو سألته والدتي كيف أصبح «بن لادن» في السعودية رمزا لـ «الإجرام» و»العار» و»الضلال» وكيف هو اليوم في البحرين «الشيخ» و»البطل» و»المجاهد» و»الشخصية الأهم» في الصفحات الأولى في صحف البحرين.

المرأة في السعودية بدأت الدخول في التلفزيون وفي تقديم البرامج، ويتجه وزير الإعلام البحريني إلى تشديد الرقابة على الجهازين التلفزي والإذاعي. السينما قاربت على الدخول للسعودية وعدلت الكثير من المناهج الدراسية وأجريت انتخابات بلدية والحوار الوطني برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لايزال فاعلا ويؤتي ثماره بينما نسير نحن في البحرين نحو المزيد من مظاهر إطباق قوى الإسلام التكفيري/ الطالباني/ الإخواني سيطرتها على جميع مرافق الدولة ووزاراتها.

كيف انتهى حوارنا الوطني وتعطل، وكيف طغى علينا الماضي القبيح فجأة، والأهم من كل هذا، كيف فقدت «أنا» نقطة الارتكاز - الحرية - التي كنت أمتلكها في حواراتي منذ الطفولة؟!

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1699 - الثلثاء 01 مايو 2007م الموافق 13 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً