قبل الحديث عن النفط والطاقة واتفاق التجارة الحرة وما تعنيه من مليارات الدولارات التي تحكم العلاقات اليابانية السعودية، يجدر بنا التوقف عند أشهر ساعة للتوقيت في جدة التي كفت عن الدوران بعد عمر دام 22 عاما.
وكانت قد أنشئت وترعرعت في أحد أهم المواقع الرئيسية في مدينة جدة العاصمة الاقتصادية للبلاد، ولكن توقف نبضها قبل أعوام إثر أعمال إنشاء جسور وأنفاق تنفذها أمانة المدينة لتوسعة طريق الملك عبدالله.
والساعة التي يعتبرها سكان جدة الأشهر في حياتهم، كونها ارتبطت بمواعيد مهمة وصفقات كبيرة شهدتها فترة الثمانينات الميلادية، كانت هدية من شركة «سيكو» اليابانية عبر وكيلها السعودي، والتي كانت هي الأخرى أحد أهم الماركات العالمية عند السعوديين مع بداية اهتمامهم بتقلد الساعات بمختلف أنواعها وماركاتها. والساعة التي بدأت أعمال الحفر حول محيطها صادفت زيارة لولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز لليابان في جولة آسيوية شهدت شراكات كبيرة في مجالات التعاون، كما أنها عززت من العلاقة بين الدولتين.
من الساعة ننتقل إلى ما هو أهم كي نفهم محور أو لب الاهتمام الياباني بالشرق الأوسط، وعلى نحو خاص السعودية. ويلخص السيد تاروو أسوو وزير الخارجية الياباني سياسة اليابان تجاه الشرق الأوسط وعلى نحو خاص دول مجلس التعاون في محاضرة له بعنوان «رؤيتي لسياسة الشرق الأوسط»، ألقاها في المعهد الياباني للبحوث. إذ قال فيها: «وسأقدم ثلاثة أسباب لأهمية منطقة الشرق الأوسط».
السبب الأول: في المقام الأول تأتي العلاقة مع مصادر النفط الخام. إذ تعتمد اليابان على الشرق الأوسط في استيراد 89.2 في المئة من النفط الخام من بينها أيضا نعتمد على 76.4 في المئة من دول مجلس التعاون الخليجي. (في العام 2006).
السبب الثاني: يأتي في المقام الثاني جانب مشرق غير متوقع للشرق الأوسط الحالي.
يحيط بالشرق الأوسط في أذهاننا انطباع الاضطراب المستمر، ولكني أود أن أسأل رئيس شركة «سوميتومو للكيماويات» السيد «هيروماسا يونيكورا» عن جاذبية العمل في إنشاء أكبر منشأة كيماوية ومعمل تكرير نفط في العالم مع شركة أرامكو السعودية.
ففي السعودية تمثل خطة سوميتومو للكيماويات مشروعا ضخما تعدت الكلف الإجمالية للعمل 1.1 تريليون ين. فستكون هناك تجهيزات جيدة من إمداد للمياه والبخار والطاقة الكهربائية ستتحمل هذه المسئولية شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة. فتشارك مجموعة شركات مختلفة هذا المشروع الذي يبدو قصة ساخنة بنجاح عظيم تحكى من جيل إلى جيل وتتقدم في السعودية مع شدة الحرارة الآن.
إن المشروعات الضخمة ظاهرة ملحوظة الآن في الخليج، ولذلك فالوقت مناسب تماما لممارسة الدبلوماسية اليابانية بكل ثقلها متضمنة الشركات الخاصة. وهذا أيضا جانب مؤكد في الشرق الأوسط، فمساعدة الشركات اليابانية التي تتجه للاستفادة من هذه الفرص تصب في مصالح اليابان القومية.
ومن تلك النقطة ينطلق تاروو أسوو نحو اتفاق تجارة حرة بين اليابان ودول مجلس التعاون الخليجي. فهو يرى أن من «أجل خلق قطب للاستقرار في المنطقة، يوجد شيء آخر بالغ الأهمية وهو تدعيم العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي. والآن تعمل اليابان علي إنجاز اتفاق للتجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي بسرعة لم نشهدها من قبل».
وتسعى اتفاق التجارة الحرة من وجهة نظر تاروو أسوو «إلى إقامة علاقات اقتصادية قوية مع دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية التي تعد أكبر شريك تجاري في منطقة الشرق الأوسط. وهذا له علاقة بضمان إمدادنا بالبترول بصورة ثابتة».
وعندما يتم هذا الاتفاق سيصبح هناك اتصال كبير بين الشركات اليابانية مع دول مجلس التعاون الخليجي وسيكون ذلك أكثر اتساعا إن وجدت استثمارات مباشرة. وعندئذ، مع زيادة نشاطات الزيارات، سوف تنتقل خبرتنا في تقوية الإدارة والعمل من اليابان إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
وهذا سينشئ الكثير من لدوائر التي ستؤدي إلى زيادة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في دول مجلس التعاون الخليجي على المدى البعيد و المتوسط. وهنا يرى تاروو أسوو «أن هناك معنى كبيرا بالنسبة لليابان في عقد اتفاق التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي. ولهذا فإنني أرى أنه ستصبح لها أهمية كبيرة على الصعيد الدولي».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1698 - الإثنين 30 أبريل 2007م الموافق 12 ربيع الثاني 1428هـ