كل منا يتذكر فيلم «الإرهاب والكباب»، وربما تلك اللحظة الحاسمة في الفيلم عندما استجابت الحكومة ممثلة بالشرطة لمطالب الشعب المسحوق بتوفير «الكباب» اللذيذ لينقض عليه (الخاطفون) و(الرهائن) معا وليشعروا بشيء من نشوة الحياة التي افتقدوا طعمها الجميل نتيجة الفقر.
هذا المشهد قد يذكرنا بما تشهده البحرين الآن... هل يصل البحرينيون يوما إلى حد «إرهاب الكباب»، ففي حين لا تبدو أن هناك بوادر أمل تتعلق بمطالب العمال في جميع القطاعات، والذين سطروا لهم «ثورة» من خلال نقابات العمال والجمعيات العمالية التي علا صوتها مطالبة بنظرة عادلة للأجور، نرى في الجهة الأخرى أن الأسعار ترتفع وتتضخم بصورة لا تطاق لتبدأ في التهام جيب الموظف البسيط، فالمعادلة بين الجانبين ضرورية الآن، فمطالب العمال منطقية ولكن قد تبدو لبعض أصحاب العمل ربما نوعا من «الإرهاب».
(الحسد والغيرة) المبررة تراها في عين البحريني عندما يرى الصحف تنشر خبرا هنا وهناك عن زيادات في رواتب الموظفين في دول مجلس التعاون. الإمارات مثلا عندما رفعت قبل أعوام الرواتب استغل التجار هذه الزيادة لرفع بعض أسعار السلع، مما حدا بالحكومة للوقوف موقف الحازم مع هؤلاء، فهي لم تكن كريمة فقط مع المواطنين، إذ إنها في الجانب الآخر لم تكن رحيمة بالمتلاعبين بغذاء العباد.
ربما يكون لربط الدينار بالدولار البحريني وانخفاض سعر صرف الدولار، وكون غالبية وارداتنا تأتي من أوروبا، سببا واحدا في ارتفاع الأسعار، لكن ذلك لا يعني إعطاء مبررا للحكومة بأن تقف موقف المتفرج على ما يجري. وربما هذه المبررات التي تساق من هنا وهناك هي ما تعطي بعض التجار مجالا لكي يجدوا متنفسا لرفع الأسعار. سمعنا عن مقترحات كثيرة لكن على أرض الواقع لا يوجد شيء مثله مثل القائل «أسمع جعجعة ولا أرى طحينا».
الصرامة في هذا الوقت الحاسم مطلوبة من قبل الحكومة، فليس من المنطقي أن يرتفع سعر كل شيء، حتى «النفيش» ارتفع سعره في بعض الأماكن بنسبة 40 في المئة، هل هذا مرتبط بتذبذب الدولار أيضا أو بارتفاع أسعار النفط؟!
يجب أن نفرق بين الأسباب المنطقية وبين الاستغلال الجاري للنظرية القائلة «كل شيء ارتفع سعره» التي تهدف إلى أن يتقبل الناس قيام أي تاجر أو بائع على قارعة الطريق برفع سعر ما يبيعه متسلحا بهذه النظرية، التي أعتقد أنها أكذوبة لإجبار الناس على تقبل ما يجري.
نأمل أن لا يصل البحرينيون إلى مرحلة يبدو فيها كل شيء لنا عاديا الآن، بمثابة الحلم والمطلب العسير مستقبلا، فالحصول على منزل أو أرض أصبح حلما، والحصول على راتب يكفي إلى نهاية الشهر أصبح حلما، وربما نصل إلى مرحلة يكون فيها تناول «الكباب» حلما هو الآخر يحلم به الفقراء.
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 1697 - الأحد 29 أبريل 2007م الموافق 11 ربيع الثاني 1428هـ