ما حدث يوم أمس من مشادات داخل المؤتمر القومي العربي، يعبّر عن مأساة المشروع الذي يتبنّاه المؤتمر... فبدلا من النهضة القومية نجد أن البعض غارقٌ في نُعرات وهويات تفتيتية وطائفية وتكفيرية، بل وصل الحد إلى عرض فيلم يسيء إلى جوهر مفهوم القومية، ويساهم في تفتيت أرض الرافدين على أساس طائفي، بل يحاول استنهاض الفتنة الطائفية إلى ما وراء الرافدين.
خلال اليومين الماضيين سمعنا وقرأنا الكثير من التبجيل لمن يسفك الدماء، بل أصبح السفاكون عظماء ينافسون رواد القومية العربية وذهب بعض الذين تلوثت عقولهم بالطائفية إلى حد اختراع مصطلحات تعبّر عن مدى كرههم بني البشر الذين يعيشون معهم على أرض واحدة.
إنها المأساة الحقيقية عندما يتحوّل سفاكو الدماء إلى أدعياء مشروع نهضوي.
أوليس من المفترض أن الهوية القومية العربية تصهر الهويات الأخرى داخلها؟ أوليس المفترض من المشاركين في المؤتمر أن يقدموا أنموذجا راقيا لانصهارهم في مفاهيم القومية ويتعالون بذلك على مفاهيم التكفير والتفتيت التي من المفترض ألا يكون لها وجودٌ في مبادئ دعاة القومية؟
يختلط الحابل بالنابل في مؤتمر يجمع مثقفي الأمة، ودعاؤنا أن يستر الله على أمتنا المنكوبة ويحفظها مما يخططه البعض لأمتنا تحت عناوين جميلة تتستر على مآسٍ تجري يوميا أمام أعيننا.
حسنا فعل الأمين العام للمؤتمر خالد السفياني الذي استنكر عرض فيلم المشاهد الدامية، والذي يُحاول لصقه بجهة دون أخرى... فجميعنا يعرف أن المجرمين في العراق هم القتلة، من أية فئة كانت، ولا يحق لأحد من البحرينيين أن يتحدث باسم أهل البحرين المسالمين ليؤيد بغي فئة على أخرى، أو قلب الحقائق والتلاعب بالألفاظ أثناء مداولات مؤتمر يجمع نخبة من المثقفين والمفكرين العرب الذين ننظر إليهم على أنهم قدوة ومنارة للنهضة، ولا ينبغي استدراجهم للدخول في مستنقع الملوثين بالحقد.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1697 - الأحد 29 أبريل 2007م الموافق 11 ربيع الثاني 1428هـ