كشخص درس العلوم الدينية المسيحية أولا، ومن ثم أصبح عالما بأمور الإسلام لفت تعليق بول جاريت «الفروقات بين المسيحية والإسلام لها أهميتها» في الحادي عشر من فبراير /شباط نظري.
سعدت لرؤية مدير التعليم في كنيسة مسيحية يتناول العلاقات بين المسيحية والإسلام، أوسع الأديان انتشارا في العالم وأكثرها علاقة على المستوى العالمي. الإسلام ثاني أوسع الأديان انتشارا في العالم (1،3 مليار مسلم) وثاني وثالث أوسع الأديان انتشارا في أوروبا وأميركا على التوالي.
المسلمون مواطنون مثلنا وجيران لنا في الكثير من أجزاء الولايات المتحدة، بما فيها فلوريدا.
في مجتمعنا متعدد الديانات والثقافات الذي يمتاز بالتعددية من الضروري الانتباه إلى تحذير الكثير من القادة الدينيين من التيار الرئيسي. من المهم جدا أن نميز بين تعاليم الدين الإسلامي وطرح وتصرفات المسلمين المتطرفين وسوء استخدامهم للدين لإضفاء الشرعية على أعمال الإرهاب.
المؤسف أن حوار جاريت بشأن المسيحية غير صحيح ويفتقر إلى التوازن ويفشل في إدراك تنوع الإسلام والمسيحية.
فهو يؤكد أن الإسلام دين يعتمد على العمل بينما ترتكز المسيحية على السماح. أي شكل من أشكال المسيحية يتحدث عنها؟ الكاثوليكية أو اللوثرية أو المنهجية أو التوحيدية؟ هل الإسلام يعتمد على العمل؟ الواقع أن الإسلام يعلمنا أن الإنسان يُحكم عليه بناء على نواياهُ مثل أعماله. الأهم أن الإسلام لا يحتوي على فكرة «الخلاص».
المؤمن يحكم عليه ويكافأ أو يُعاقب بما يفعله أو ينوي فعله وليس بعمل مخلص. يقول جاريت أن المسلمين ينزعون إلى رمي الحجارة على أو قتل الذين لا يصلون إلى مستوى معاييرهم، ولكن المسيحيين ممنوعون عن هذه الأمور. هل يتكلم جاريت عن بعض المسلمين أو معظمهم؟
هل قرأ جاريت العلوم الدينية أو شاهد البرامج الدينية للمبشرين الذين يعدون بالجحيم ليس فقط غير المسيحيين وإنما المسيحيين الذين لا يؤمنون بنفس طريقتهم.
وماذا عن الذين يحرقون عيادات الإجهاض بالقنابل الحارقة أو المتناحرين الكاثوليك والبروتستنت في أيرلندا الشمالية؟
إذا كان الجواب أنهم ليسوا مسيحيين حقيقيين فإن المسلمين يقولون الشيء ذاته عن الإرهابيين المسلمين.
الإسلام، كما يخبرنا جاريت، نُشر بحد السيف، بعكس المسيحية. كما يعلم أي إنسان درس انتشار الإسلام، فإن الحكام المسلمين الأوائل، مع وجود استثناءات قليلة، نشروا إمبراطورياتهم وليس دين الإسلام. لم يكونوا مهتمين بشكل خاص بتحويل غير المسلمين إلى الإسلام، إذ إنهم كانوا يؤمنون أن الإسلام دينا عربيا وأنهم قاموا بتحصيل ضرائب أعلى من غير المسلمين.
يتوجب على جاريت أن يقرأ عن تلك المجموعات المسيحية التي رحبت بالحكم الإسلامي لأنها كانت مضطهدة من قبل دين مسيحي رسمي غير متسامح كهراطقة أو خارجين عن الدين ودفعوا بالتالي ضرائب أعلى.
جميع الأديان لها وجهان، متسامِ ومظلم. السيد المسيح هو أمير السلام، والمسيحيون مثلهم مثل اليهود، وكذلك مثل المسلمين، يستخدمون التحية «السلام عليكم». المسيح يجسد الرأفة وكل آية قرآنية تبدأ بتعبير «بسم الله الرحمن الرحيم». المسلمون المتدينون يبدأون كل عمل يقدمون به كالأكل وقيادة السيارة والكتابة بهذه العبارة.
في الوقت نفسه يتحدث كل من القرآن والإنجيل عن الله كقاضٍ عادل بل وحتى قاضٍ يريد الثأر. يتوجب تفسير الكتب السماوية في مضامينها. نعم، ما فتئ العنف والإرهاب يرتكبان باسم الإسلام من قبل المتطرفين والإرهابيين المتدينين.
لكن هل نسينا الجانب المظلم من التاريخ المسيحي كالتحقيق والحروب الصليبية وحروب الإصلاح الدينية عندما سفك البروتستانت والكاثوليك دماء بعضهم بعضا، واستخدام الدين المسيحي لتبرير الاستعمار الأوروبي (التاج والسيف)، والعبودية والكوكلوكس كلان وتفجير عيادات الإجهاض وحمامات الدم في أيرلندا الشمالية؟
ما هي إذا الدروس التي يمكن أن نتعلمها؟ الخطأ الشائع الذي يرتكبه كثيرون هو المقارنة بين المسيحية المثالية مع أمثلة مختارة من وقائع دين آخر. إذا أردنا المقارنة بين الإسلام والمسيحية فإن المقارنة يجب أن تكون بين المُثُل المسيحية والمُثُل الإسلامية، والواقع المسيحي مع الواقع المسلم.
في أميركا التي تحمي حقوق جميع المؤمنين وغير المؤمنين يجب ألا نتوقع ما هو أقل من ذلك.
* أستاذ جامعي والمدير المؤسس لمركز الأمير الوليد بن طلال للتفاهم المسلم المسيحي بجامعة جورجتاون، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 1697 - الأحد 29 أبريل 2007م الموافق 11 ربيع الثاني 1428هـ