ركبت مئات النساء من جميع أنحاء العالم دراجاتهن في لبنان من أجل السلام، رحلة الدراجات السنوية الثالثة تحت شعار «اتبعوا النساء - نساء من أجل السلام» أنهت مرحلتها الأولى في لبنان بعد أن قامت 250 امرأة بركوب دراجاتهن من مدينة صيدا إلى بيروت، وهي مسافة تبلغ خمسين كيلومترا استغرق عبورها ست ساعات.
وجدت المشاركات اللواتي حضرن من أكثر من ثلاثين دولة أكثر من دراجاتهن بالانتظار عند وصولهن مدينة صيدا، إذ خرج الكثير من سكان المدينة الساحلية إلى الشوارع لمشاهدتهن.
«لقد خرجت أعداد غفيرة من الناس إلى الشوارع وكان الأمر غامرا»، تقول مديرة ومؤسسة المشروع البريطانية الجنسية برناديت ريغان التي قامت بتنظيم هذه الرحلات منذ بدايتها العام 2004. «اتبعوا النساء» في نمو مستمر، «وهو شعور جميل» تقول السيدة ريغان.
بينما كان السلام الوطني يُعزف، دارت عجلات الدراجات وانطلقت رحلة صيدا - بيروت. رحلة هذه السنة تمت بعكس اتجاه رحلة العام الماضي عندما غادرت الدراجات بيروت باتجاه صيدا.
وعلى رغم أن الكثير من المشاركات درّاجات متمرسات فإن معظم النساء ذكرن أن ركوب الدراجة ليس هو الجزء الأفضل من الحدث.
«الأمر لا يتعلق في الحقيقة بالدراجات» تقول العضوة في الفريق الأردني شيرين رحيل ، البالغة من العمر 29عاما والفلسطينية الأصل. «الأمر هو تجمّعنا معا من أجل السلام وتمرير الرسالة».
وذكرت رحيل التي تقود الدراجة وخلف أذنها وردة حمراء وعلى أكتافها تتدلى كوفية سوداء وبيضاء، أن الأمر هو عن نساء من دول مختلفة يلتقين كأفراد للتعرف على بعضهن بعضا.
«أشعر وكأني أعرفهن منذ زمن طويل، ونشعر بالقرب من بعضنا بعضا. عندما تصل النساء إلى الأردن سأدعوهن جميعا إلى العشاء في منزلي» أضافت رحيل.
رحلة «اتبعوا النساء» هذه السنة بدأت في مدينة حلب بسورية وعبر المشاركون فيها إلى لبنان من الحدود الشمالية يوم الاثنين الماضي.
«اتبعوا النساء» ليس سباقا، فالنساء يقدن الدراجات براحتهن ويقفن أحيانا لالتقاط الصور لأزهار الربيع أو الجسور المدمرة واجتذاب أطراف الحديث مع زميلاتهن الدرّاجات.
«النهار بمجمله كان ساحرا. تحدثت مع نساء من كندا والدنمرك وبولندا وإيران. الإيرانيات أثرن اهتمامي. إنهن ذكيات وغاية في الجمال» تقول المشاركة اللبنانية منال مولى.
المشاركات الإيرانيات ذكرن أنهن سعيدات لتصحيح الصورة النمطية الزائفة عن الحياة في الجمهورية الإسلامية.
«معظم الناس يظنون أن جميع النساء في إيران مغطيات بالأسود، لذلك من الجميل أن نكون هنا لنقول إن الأمر ليس كذلك. هناك جيل جديد في إيران». تقول هاجر البالغة 25 سنة من العمر والطالبة، التي اختارت عدم ذكر اسمها كاملا.
أثناء الاستراحات شربت النساء الماء وتناولن البلح والمشمس وتكلمن عن الألم في سيقانهن وظهورهن أو قمن بتدخين السجائر!
«تعلمت ركوب الدراجة لأجل هذه الرحلة بالذات» تقول سيبل بيريرا من المملكة المتحدة. وتقول إنها تدربت بشكل جدي لمدة ثلاثة شهور. قرأت عن الرحلة في صحيفة «التايمز» وقررت أنها أمر أريد القيام به. لم أحضر إلى الشرق الأوسط من قبل».
بعد أقل من 24 ساعة في لبنان قالت بيريرا إنها متأكدة أنها «تستطيع العيش في بيروت. أحب الحياة هنا. أحب الشعب. الجو كله جميل جدا».
لم تذهب مجموعات النساء من دون ملاحظة. الأطفال الصغار ابتسموا ولوحوا بأيديهم. الشباب صفروا والتقطوا الصور. الرجال الكبار هزوا رؤوسهم وشجعوا بإشارات من أيديهم.
«أود أن أشكر الشعب اللبناني لأنه عانى الكثير هذه السنة، ولكنهم على رغم من ذلك رحبوا بنا» تقول عرفات، التي تعيش في رام الله. ملاحظاتها جاءت على رغم حقيقة أن الفريق الفلسطيني جرى احتجازه لأكثر من ثلاث ساعات على الحدود. عندما كان عمرها شهران قتل والدا عرفات في مجزرة مخيم صبرا وشاتيلا للاجئين العام 1982. بعد ذلك تبناها الرئيس الراحل لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات.
«مجرد السماح لنا بدخول لبنان يعتبر خطوة أولى نحو السلام»، تقول عرفات التي شاركت في كل واحدة من رحلات «اتبعوا النساء».
من صيدا توجهت الرحلة شمالا عبر الطريق الساحلي عبورا بالرميلة وسبين والجية. بعد حادثة قصيرة ولكن مرعبة إلى حد ما على الطريق عبرت المجموعة الناعمة وتوقفت للراحة وشرب الماء قبل بدء آخر مرحلة وطولها 15 كيلومترا نحو العاصمة. بعد الصعود البطيء نسبيا عبر تله الأوزاعي شعر أفراد الفريق بتعب الرحلة. عند دخولهن مرتفعات بيروت الغربية خيم الصمت على الكثير منهن وقمن بالتركيز على دراجاتهن. في لحظات صبر، وقد يكون لهوا أو تسلية، توقفت السيارات للسماح لهن بالعبور.
«انتهت مرحلة رحلة «اتبعوا النساء» بحفل غذاء في قريطم حضره الأعضاء في البرلمان بهية الحريري، وعاطف مجدلاني ومحمد قباني. لم يتمكن زعيم الغالبية البرلمانية سعد الحريري من الحضور ولكنه شكر النساء وقدم احترامه من خلال طعام الغذاء.
الكثير من الدرّاجات الأجنبيات ذكرن أنهن استغربن عندما اكتشفن أن الشرق الأوسط ليس هو ما يعرفونه في الإعلام. الكثير من المشاركات العربيات أعربن عن الشكر والعرفان لحضور الكثير من الأجنبيات وشوقهن للارتحال في الشرق الأوسط ومعرفة المنطقة من خلال تجارب نساء أخريات. لم يجر تحقيق سلام عالمي، ولكن مما لا شك فيه أنها رحلة في الاتجاه الصحيح.
* كاتبة في «الديلي ستار»، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 1696 - السبت 28 أبريل 2007م الموافق 10 ربيع الثاني 1428هـ