من بين أستار ذلك الليل الأليل، انسل ثمانية فرسان في «حوطة» مشبوهة، ولا ندري ما قصة الاختطاف التي طالت الطفلين من المحرق وكيف جرت بالضبط لأن الغموض لايزال يحيط بالقضية، ونقولها بصراحة إننا لم نستطع قراءة خيوط الجريمة، إن صح لنا التعبير، أو القضية إن جاز لنا المجاز.

على أية حال، فتلك القضية فتحت الباب على مصراعيه لقضية أخرى أشمل، وهي قضية ما يسمى بالحزام الأخضر، تلك المنطقة التي تحولت إلى مجرد أرض قاحلة بور، ومنها بدأت المطالبات على صعيد المجالس البلدية والمجلس النيابي لإزالة هذا الحزام الأخضر في مسماه، والمدمر والمشوه على أرض الواقع.

المشكلة أن الموضوع حور إلى وجهة أخرى، وخصوصا من الجهات التي تحمل على عاتقها شعار الحفاظ على البيئة. ولعل رد الهيئة العامة للبيئة الذي نشر في الصحافة أخيرا يثير الاستغراب، لا لأنه تحدث عن البيئة وعن أهمية الحزام الأخضر، فهذا كلام جميل ومحاور عامة لا غبار عليها، ولكننا نسأل هنا: أين كانت هذه الإدارة حين اغتيلت محمية سند الطبيعية؟ أين كانت من عمليات الدفان التي تطال البحر في كل يوم؟ ونسأل أيضا: أين جاءت الإدارة بفكرة استغلال الأرض الخضراء كما تراها لإنشاء مزارع ضخمة؟!

ومن هنا ندعو الهيئة العامة للبيئة إلى القيام بزيارة خاطفة للحزام الأخضر لتعد تقريرا شاملا عن حجم الأضرار التي لحقت بهذا الحزام، وعن المساحة الخضراء وعدد الحوط، حينها ستعرف جيدا أهمية إعادة تخطيط المنطقة.

الأمر الآخر، هو أهمية النظر إلى ترتيب الأولويات، فإذا حدث واحتار الناس بين تحويل أرض إلى إسكان أو مقبرة، مع العلم بأن الخيار الأول ملح للغاية، فماذا سنقرر؟ هل سنبني إسكانا للموتى أم الأحياء، وكما يقال: الحي أبقى من الميت؟!

وهذه النظرية لا تنفي تحويل الحزام برمته إلى إسكان للأهالي، فالمقترح المطروح هو إنشاء إسكان ومرافق عامة وحدائق وطنية... والغريب أن بعض الأخوة لا يأخذ من الحديث إلا ما يهواه كمن استشهد بالآية الكريمة «لا تقربوا الصلاة» وتناسى ما بعدها!