أطلعت على تصريحات الصديق عضو البرلمان جاسم حسين في «الوسط» العدد1884، يوم الثلثاء بتاريخ 17 أبريل/ نيسان تحت عنوان «حسين طالب بزيادة الاستيراد» وقد سجلت ملاحظاتي على بعض ماجاء في المقال من خلال ثلاث فقرات تعرض اليها النائب جاسم في حديثه وانقلها كما وردت وهى:
1. «إن ماحققته المملكة من فائض يعد أمرا جيدا ولكن من السيئ ألا يتم الاستيراد بالحجم المطلوب» إلى نهاية الفقرة إذ يقول «إذ إن الدولة لا تستورد بالحجم المطلوب».
2. ويقول النائب جاسم في فقرة أخرى «هناك مشكلة سببها قلة المعروض من السلع والخدمات وبالتالي، فإننا نرى أن احد أسباب التضخم في البحرين هو ضآلة حجم الواردات، وهذا يتطلب من الحكومة أن تزيد من نسبة استيرادها وفي الوقت نفسه فإن التجار لا يستوردون السلع إلا إذا ضمنوا أن هناك مشترين لهذه السلع».
3. ويقول في فقرة أخرى: «إن الميزان التجاري يبين أن وضع الدولة جيد وانه ليست هناك مشكلات مالية».
في مايتعلق بالفقرة الأولى فأتصور أن الفائض الذي يتحدث عنه النائب جاسم يقصد فيه الفائض المتحقق في الموازنة نتيجة زيادة الإيرادات على النفقات و الذي يظهر من الحساب الختامي للدولة وعلى الرغم أن الحساب الختامي للدولة لسنة 2006 لم ينشر حتى هذه اللحظة فربما يقصد النائب جاسم الفائض المتحقق في موازنة 2005، أو ربما هو توقع حدوث فائض في الحساب الختامي لسنة 2006، إنه أمر جيد من دون شك أن يتحقق مثل هذا الفائض والمتأتي أساسا من الارتفاعات التي حصلت في أسعار النفط إذ تجاوز سعر برميل النفط في السوق العالمية 60 دولارا مقابل كلفة تقدر بأقل من خمس دولارات لكل برميل إنتاج وتسويق.
ولكن هل من الحكمة أن يوجه هذا الفائض إلى مزيد من الاستيراد والذي يعنى مزيدا من الاستهلاك هذا إذا افترضنا جدلا أن الدولة هي التي تقوم بعملية الاستيراد، إن البحرين كبقية دول كثيرة تستورد جميع احتياجاتها الغذائية والكمالية من الخارج وبنسبة لا تقل عن 90 في المئة في أحسن الأحوال. هل نرغب في تحويل الفائض المتحقق في الموازنة إلى عجز عندما نقوم بزيادة الاستيراد.
إن المملكة عليها أن تستخدم الفائض المتحقق في ما يحقق أهداف السياسة الاقتصادية ويمكن توجيه هذا الفائض مثلا لتخفيض الدين العام وفي تعزيز البنية التحتية و في زيادة وتحسين الطاقة الإنتاجية للاقتصاد وإيجاد برامج من شأنها تحسين مستويات المعيشة للمواطنين، وزيادة المساعدات للأسر الفقيرة والمحتاجة والاحتفاظ بجزء من الفائض كاحتياطي للمستقبل.
أما عندما يطالب النائب جاسم بزيادة الاستيراد (على افتراض أن الدولة هي التي تستورد)، نسأل ما هو الحجم الأمثل للاستيراد؟ وهل هناك معادلة تحدد هذا الحجم؟ وقبل ذلك نسأل هل هناك فعلا حاجة إلى زيادة الاستيراد؟. لا أعتقد أن هناك شحا في المواد الغذائية بل هي متوافرة بأكثر مما يجب، بل أن الكثير من السلع الضرورية مثل: الكهرباء والماء والطحين واللحم على سبيل المثال مدعومة من قبل الحكومة وهى في متناول الجميع. ولكن المشكلة تكمن أن القوة الشرائية لشريحة من المواطنين هي دون أسعار بعض السلع والخدمات وهذا ما سأتحدث عنه في ما بعد.
أما بشأن استيراد الحكومة فإن النائب جاسم يعرف أن الحكومة لا تستورد وإنما القطاع الخاص كان ومازال هو المستورد الأساسي لجميع الاحتياجات الغذائية وغيرها من المواد ، والقطاع العام لا يتدخل في هذه الأنشطة خصوصا إن المملكة قد تبنت خيار الاقتصاد الحر المنفتح الذي يركز على القطاع الخاص وعلى دوره في النشاط الاقتصادي، واقتصار دور الدولة على القيام بالدور الإشرافي والرقابي والمشرع للأنظمة والقوانين التي تكفل حسن سير النشاط الاقتصادي.
إقرأ أيضا لـ "ناظم صالح الصالح"العدد 1695 - الجمعة 27 أبريل 2007م الموافق 09 ربيع الثاني 1428هـ