العدد 2255 - الجمعة 07 نوفمبر 2008م الموافق 08 ذي القعدة 1429هـ

العصفور: منظومة القيم والمبادئ مصيرية في حياة الأمم

الوسط - محرر الشئون المحلية 

07 نوفمبر 2008

تحدث خطيب جامع عالي الكبيرالشيخ ناصر العصفور عن منظومة القيم والمبادئ والمثل التي تحكم المجتمعات البشرية، والتي تؤثر في وجودها وبقائها وحاضرها ومستقبلها، لأن هذه المسألة من المسائل الجوهرية والمصيرية في حياة أي أمة من الأمم وأي مجتمع كان، وقال العصفور: « من الطبيعي متى ما سادت قيم الخير والعدل والفضيلة والأخلاق النبيلة والمبادئ العظيمة كلما تفجرت طاقات الخير، وانطلق الإنسان في طريق البناء والإعمار ماديا ومعنويا، وعمّ الاستقرار حياة الإنسان نفسيا وروحيا واجتماعيا، ونزلت عليهم الخيرات وشملتهم البركات، كمال قال الله تعالى «ولو أن أهل القرى أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض» (الأعراف:96)، وقوله تعالى: «و لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا» (الجن:16). وأضاف العصفور: «وعلى العكس من ذلك كلما تلاشت القيم واضمحلت المبادئ الخيرة في مجتمع، كلما انحدر نحو الزوال».

وأوضح العصفور أن الجانب الآخر في المسألة يتمثل في معرفة ما هية القيم والمثل، متسائلا «أي قيمٍ هي هذه التي يجب أن تسود بين الناس وتحكم حياتهم، وفيما تتمثل؟، فتارة ننظر إلى القيمة متمثلة في العلم والفكر والأخلاق وسائر الخصال والصفات الخيرة والنبيلة، وتارة نرى في القيمة هي مجرد نزوات عابرة ورغبات حسية، تتلعق بالمادة فهي تعني المال والجاه والثروة والشهرة بعيدا عن قيم الخير ٍ». وقال العصفور: «النتيجة تكون واضحة وجلية فإنه في الحالة الأولى سينطلق المجتمع نحو الغايات النبيلة والأهداف العظيمة ويرتقي الإنسان في سلم البناء الحضاري الراقي، وصوغ الإنسان وبناء الذات على أساس متين لحياة حقيقية وليست زائفة، أما في الحالة الثانية فلن يجن الإنسان والمجتمع سوى الضياع، والخواء والفراغ النفسي والجفاف الروحي، وتكون حياة الإنسان في ظل هذا الوضع مجردة عن كل قيمة حقيقية، فإذا تجرد الإنسان عن الأخلاق والقيم فهذا يعني أنه قد تجرد من إنسانيته وأدميته». وأشار العصفور إلى أن غرس قيم الفضيلة والأخلاق الكريمة والتربية السليمة والقدوة الصالحة، كل ذلك له أثره العميق في بناء الجيل ومستقبل الإنسان، والذي يعني حينئذ أننا قد قدمنا النموذج الصالح للأجيال.

وتحدث العصفور عن دور وسائل الإعلام في هذا العصر وما تقدمه للجيل من قدوات ونماذج للشخصيات التي ينجذب إليها الشباب والمراهقون وينظرون إليها كقدوة يسعون إلى تقليدها ومحاكاتها في المظاهر والشكليات، وتساءل العصفور «ما الذي يقدمه الإعلام ووسائله اليوم للجيل الحاضر، وهل يبرز لهم القدوة الحقيقية التي تتمثل في نماذج الخير والفضيلة من أهل الفكر والعلم في مختلف التخصصات العلمية من المبدعين أو نماذج للشخصيات التي قدمت الخدمات الإنسانية في المجالات العملية؟، كلا، ولهذا أصبح الجيل كما يعبر بعضهم بأنه جيل مجنيٌ عليه، بسبب ما يقدم له من نماذج هابطة ولذلك فهو يجهل تاريخ عظمائه وعلمائه ومفكريه ومبدعيه، ويجهل سيرة العباقرة الذين يمثلون القيمة الحقيقية التي يجب أن تحتذى».

وقال العصفور: «هنا يكمن الخطر المحدق حينما تتحول القيم أو ما يعبر عنه بانقلاب القيم واستبدالها أو التنكر لها»، وأشار إلى نماذج من حياة الأمم والشعوب في التاريخ وكيف حاول الأنبياء من خلال جهودهم العظيمة معالجة هذه الإشكالية الكبيرة وتوجيه أنظار الناس إلى القيم الحقيقية التي يجب أن تحكم المجتمعات.

وأشاد العصفور بالمؤتمر الذي أقيم في البحرين خلال الأسبوع الماضي بعنوان «أخلاقنا بين النظرية والسلوك»، والذي تعرض لكثير من القضايا المرتبطة بهذا الجانب الحيوي وطرح مجموعة من العلاجات وخرج بتوصيات مهمة والتي منها اعتماد مقرر دراسي في مراحل التعليم المختلفة عن المكارم الأخلاقية، وقال العصفور: «هذه التوصية ينبغي أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ بشكل عاجل لما لها من الأهمية البالغة في تعريف الجيل بمنظومة القيم الأخلاقية الأصيلة».

العدد 2255 - الجمعة 07 نوفمبر 2008م الموافق 08 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً