العدد 2255 - الجمعة 07 نوفمبر 2008م الموافق 08 ذي القعدة 1429هـ

المبارك: السلطة والمعارضة يتحملان مسئولية ترسيخ الثَّوابت الوطنية

الوسط - محرر الشئون المحلية 

07 نوفمبر 2008

أكد خطيب جامع الإمام المنتظر بقرية دار كليب الشيخ حميد المبارك في خطبته أمس (الجمعة) أن السلطة والمعارضة على رغم ما بينهما من اختلاف وتباين يتحملان مسئولية مشتركة وهي أن يعين كل واحد منهما الآخر في ترسيخ وتأكيد الثوابت الوطنية.

وذكر أن السلطة تعين وتساعد المعارضة على ترسيخ الوعي الوطني لدى أتباعها وذلك باحترام مطالبها المعقولة وترجمة ذلك الاحترام على أرض الواقع، والمعارضة تعين السلطة بالإنصاف والاعتدال في النظر الى قدرات السلطة وما يمكنها تحقيقه في ظل التعقيدات الاقتصادية والسياسية المختلفة. وبدأ المبارك خطبته بالقول: «يتحدث بعض المنتقدين للاسلام عن أن مناسك الحج شكليات لا فائدة منها، ويمضي بعضهم بعيدا ليقول إنها مظاهر وثنية تقدس الأحجار، ويتضح الجواب عن هذا الكلام بملاحظة أن الشرائع السماوية لا تكون بمنأى عن واقع طبيعة الانسان الذي هو كائنٌ حسيٌ، ويعني ذلك أن المدخل إلى عقله هو الحواس، ولذلك عندما ينعى القرآن الكريم على الكافرين فهو يبدأ بالحواس «لهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها» (الأعراف: 179) ثم يقول «ولهم قلوب لايفقهون بها» (الأعراف: 179).

وأوضح المبارك أن «التفكير الانساني يتخذ دائما طابعا حسيا، ولذلك جاء النهي عن التفكير في ذات الله وحقيقة صفاته لأننا لا نستطيع كبشر أن نتصور الصفات الإلهية كالعلم والرحمة والغضب والرضا والإرادة خارج أفق الحس، وقد جاء عن الإمام جعفر الصادق (ع): «كل ما تصورته عن الله فهو منك مردود عليك»، ونجد في النصوص الواردة عن المعصومين أن التفكر في الصفات الإلهية يكون من خلال آثارها وليس ذواتها، فليس البحث في نحو علم الله بالأشياء وحقيقة غضبه ورضاه شيء يترقب منه الكثير من النفع إذ لا يمكن للإنسان أن يتصور حقيقة الغيب الا أن يضفي عليه طابع الحس والمادة والتي هي محال على الله تعالى».

وقال المبارك: «نجد الانسان ككائن حسي يسعى منذ القدم إلى جعل رموز حسية يتمحور حولها ويتفاعل معها، وحتى القبائل في الغابات النائية عن الحضارة فإنها تصنع رموزا وشعاراتٍ تمثل الهوية وتحقق علاقات نفسية مشتركة بين أفراد القبيلة، وتتجاوب الشرائع السماوية مع الانسان في طبيعته الحسية بأن تجعل له شعائر ودلالات حسية في الزمان والمكان والأشخاص، لكنها تحذر من الارتقاء بها إلى درجة العبادة والصنمية، وما مناسك الحج سوى علامات ورموز كما في قوله تعالى «إن أول بيت وضع للناس» (آل عمران:96) وضع أي دلالة للناس على معاني الدين، وكذا «إن الصفا والمروة من شعائر الله» (البقرة: 158) أي دلائل وعلامات على دين الله، فلا تختلف حجارة الكعبة عن سائر الأحجار ولا يختلف تراب الصفا والمروة عن سائر التراب وكل امتيازها أنها جعلت علامات على معان راقية أصبح الحج لها فرصة سنوية لتأكيد المقولات المشتركة بين المسلمين أينما كانوا في العالم».

وأضاف المبارك «كنا ولانزال نسمع أن الاسلام لا يعترف بالحدود السياسية والجغرافية بين الدول الاسلامية بل هي أمة اسلامية واحدة، لكن هذا الكلام فيه الكثير من المغالطة وذلك لأن ما يشترك فيه المسلمون من دلالات وشعائر تجعلهم أمة واحدة بمعنى من المعاني لا يمنع عن حق فئاتهم بخصوصيات يتمايزون بها - لم يكن للفظ (أمة) في عصر النزول ذلك المعنى السياسي الحديث أي الشعب الواحد الخاضع لنظام سياسي واحد بل كان يطلق ويراد به الاشتراك بنحو من الأنحاء - فليس وجود الحدود أو عدم وجودها دخيلا في المقولة الاسلامية، بل الدخيل فيها هو النظم الذي قد يقتضي الدولة الواحدة الكبرى وقد يقتضي الدول المتعددة بحسب الأوضاع المختلفة، فلا يتنافى مع مبادئ الاسلام أن توجد دول اسلامية متعددة لها خصوصياتها الوطنية الضَّامنة لوحدة شعبها، لكنها تشترك جميعا في رموز مقدسة تتضامن لاحترامها والدفاع عن قدسيتها».

وبيّن المبارك أن «هذا المعنى يتصل بوعي مراتبية المصالح والذي هو مقياس للوعي الاجتماعي والسياسي لدى أية أمة من الأمم، فالمصالح العامة المشتركة لا تلغي المصالح التفصيلية الناشئة عن الخصوصيات ولا تزاحمها، وما جرى في أميركا من انتخاب رئيس أسود ذي أصول إسلامية ليس بالأمر العادي بل يكشف عن مرونة عالية لدى الأمة الأميركية في التعامل مع مراتب المصلحة، ويدل على فهم أن اختلاف الأشكال والألوان والاتجاهات شيء يعترف به القانون والمجتمع، ولكن جميع تلك الأطياف يجب أن تصب في اتجاه واحد وهو الدستور الأميركي».

وذكر المبارك أن هذا الأمر يبرز المسئولية المشتركة للسلطة والمعارضة في تأكيد المحاور الوطنية واحترامها مع اضطلاع كل منهما بدوره الخاص بحسب موقعه، فالدور الخاص للسلطة أن تستمع إلى من هم تحت سلطتها وتتفهم واقعهم وتعمل على تطويره، فالثروة والقدرة قد يحجبان الرؤية الواضحة للأمور ولذلك ربما تجد غنيّا يتقلب في الترف ويصبح في عينه شأنا عاديا يقول: لا يوجد فقير بيننا والناس كلهم بخير، فعلى صاحب السلطة والثروة أن يخرج أحيانا عن إطاره المخملي لكي تتضح له الرؤية ويرى ويسمع من الناس العاديين وليس من حاشيته، كما أن المعارضة تتحمل مسئوليتها الخاصة وهي أن تتجنب الاندفاع في معارضتها الى المساس بالدلالات الوطنية حيث قد يساهم ضنك الواقع - أو عوامل أخرى - على غياب الوعي بالمتفق عليه والمختلف فيه بين السلطة والمعارضة».

العدد 2255 - الجمعة 07 نوفمبر 2008م الموافق 08 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً