لم يقصد صانع فيلم «البحريني الأخير» (The Last Bahraini) فريد الخاجة، الحديث في فيلمه عن التجنيس أو انتقاد أولئك الذين يكافحون لتأمين حياة مناسبة لأبنائهم... حتى لو كانوا من حَمَلة الجنسية الجدد.
وعلى العكس من ذلك، يبدو الخاجة متعاطفا مع هؤلاء، مقرا بحقهم في ذلك وهم الذين ساهموا بشكل أو بآخر في اقتصاد البحرين. بل إنه يعود لينقد أولئك الذين يجدون في ذلك غضاضة، وامتيازا غير عادل تقدمه إلى الأجانب على حساب أبناء البحرين!
لم يقصد الخاجة ذلك تماما، وكل ما في الأمر أنه كما توجد قراءات عدة لأي نص أدبي، تتباين قراءات الفيلم الواحد وتختلف تفسيرات واستنباطات متفرجيه لفكرته وللرسالة التي يقصد إيصالها منه.
لا تهم أسباب اختلاف تلك القراءات، ولكن فيلم الخاجة لم يخلق ذلك الاختلاف بين متفرجيه وحسب، بل إن اختلاف تفسيراته يبدو جذريا! فالرسالة التي وصلت إلى معظم من تفرجوا على الفيلم بدت مختلفة إلى حد كبير عن تلك التي قصدها صانع الفيلم.
جميعهم تقريبا، وجدوه فيلما مناهضا للتجنيس، منتقدا - إلى حد ما - سياسة تسمح لسائق سيارة الأجرة «الأسيوي» بتأمين حياة كريمة إلى حد ما من خلال عمله سائق أجرة. حياة تسمح له بتأمين كل ما لا يستطيع راكب السيارة (الزبون) الحصول عليه، وهو «ابن البلد» الذي يُفترض أن يعيش حياة أفضلَ من الأجنبي!
معظم من شاهدوا الفيلم وجدوا فيه متنفسا لحال من الغضب المكبوت يعيشونها تجاه هؤلاء الذين يقاسمونهم لقمة العيش، بل يعيشون على حسابهم، في أحيان كثيرة!
الطريف، أنه وبعد حديث جمعني مع الخاجة، علمت أنه مندهشٌ من الكيفية التي تم فيها تفسير فيلمه بقوله: «بالنسبة إلي، الفيلم يتحدث عن البحرينيين الذين يعانون ويُجبرون على أن يعيشوا لصوصا». وهو على رغم ما يبديه من تعاطف أولي مع هؤلاء، فإنه يعود ليؤكد أنهم يتحاملون على الأجانب الذين يحصلون على حياة أفضل في البحرين، فاللص في فيلم الخاجة يصاب بغيرة تكاد تدفعه إلى ارتكاب جريمة حين يتعرف إلى بعض ملامح الحياة الجيدة التي يعيشها الآسيوي في بلاده.
الخاجة يرى أن حصول الآسيوي على الجواز البحريني لا يعني أن الحكومة لا تنصف رعاياها، فالآسيوي «يستحق الجواز؛ لأنه عاش سنواتٍ في هذا البلد وساهم في اقتصادها بشكل إيجابي». من حق الأسيوي - كما يرى الخاجة - أن يحصل على هذا الامتياز تماما مثل أولئك الذين وُلِدوا بحرينيين.
تتعدد القراءات وتختلف التفسيرات ويظل الفيلم دائما هناك، سواءٌ أكان ذلك فيلم الخاجة أم سواه من الأفلام. يظل هناك ناقلا جزءا من هَمِّ بحريني سياسي اجتماعي اقتصادي. وسواءٌ أقصد الخاجة أم لا، فإن فيلمه ذاك سيظل شاهدا على عصره موثقا لقضايا زمنه!
العدد 1693 - الأربعاء 25 أبريل 2007م الموافق 07 ربيع الثاني 1428هـ