كلنا نرفض الطائفية، ونرفض أن تدخل بلادنا في مستنقع من الكراهية المبنية على رفض الآخر وإقصائه، وكلنا أيضا نتعامل مع هذا الموضوع بحذر شديد ونشجع التعاون والحوار بين الطائفتين... وفي المقابل كلنا نرى الطائفية لا تزال تستشري في مجتمعنا دون حدود، وكأنها مرض لا علاج له. فإن كنا جميعا نرفض الطائفية ونحاربها، فلماذا تنتشر إذا، من الذي ينشرها، ومن المسئول عن نشرها؟
هل حاولنا أن نحاكم أولا أنفسنا قبل أن نحاكم الآخرين، لنتأمل في كل ما نقوله ونفعله لعله نتاج لطائفية ما في داخلنا؟ وهل حاولنا أن نحلل ما تقوم به كل من الجهات الرسمية والمسئولين وحتى النواب الذين يمثلون الشعب وما يحمله من مخزون كثيرا ما يكون «طائفيا». وفي النهاية يؤكد الجميع أنهم ضد الطائفية وأنهم يحاربونها، وكأنهم تلبسوا ذلك الطفل الذي وقف على تلة في واد عال وصار يصرخ، فيرد الصدى له صرخته. وكلما صرخنا لنتهم الآخر بأنه طائفي، ردت الصرخة باتهام مماثل إلينا، ولا حل لهذه الصرخات إلا أن تتوقف، أو يتغير محتواها إلى آخر متوازن، يرد إلى قائله. من الطبيعي أن تكون الطائفية موجودة في مجتمع مكون من «طوائف» فهي مصطلح لا مشكلة فيه على المستوى النظري، الطوائف أمر واقع ومتعايش معه. المشكلة ربما لا تكمن في الطائفية، وإنما تكمن في تمييز طائفة على أخرى، أو كراهية طائفة لأخرى، هذه الممارسات هي أساس المشكلة.
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 1692 - الثلثاء 24 أبريل 2007م الموافق 06 ربيع الثاني 1428هـ