أكتب هذا المقال من العاصمة القطرية (الدوحة) إذ أشارك في فعاليات منتدى الدوحة السابع للديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة.
انطلقت الندوة بكلمة لأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والذي لفت الأنظار بإشادته بتجربة الانتخابات الرئاسية والتي جرت في موريتانيا حديثا. والإشارة هنا إلى (المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية) بقيادة العقيد اعلي ولد محمد فال والذي نجح في نقل السلطة بشكل ديمقراطي إلى سلطة مدنية ملتزما بوعده الذي قطعه في شهر أغسطس/آب من العام 2005 بعد سقوط حكم الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع من دون إراقة للدماء. وبدا واضحا أن أمير قطر أراد تأكيد تنامي ثقافة الديمقراطية في المنطقة تماما، كما حدث في موريتانيا ومن دون ضغط خارجي.
حضور متميز
تميز المؤتمر بحضور دولي متنوع ضم رئيسي بلدين (رئيسة فنلندا، تاريا هالونان والرئيس اللبناني إميل لحود) إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فضلا عن الكثير من وزراء الخارجية، بينهم وزير خارجية مملكة البحرين الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة.
ولا بد من القول إن الملل انتاب الحضور من الكلمة المطولة وغير الهادفة للرئيسة الفندلندية هالونان، إذ عمدت إلى تلقين المشاركين مبادئ وأسس الديمقراطية. بدوره لم يكن الأمين العام للأمم المتحدة موفقا في كلمته، إذ لم يطرح أفكارا جديدة مساهمة منه في حل القضايا الدولية العالقة، وخصوصا العنف المستمر في العراق. وبدا لي بأن مون (وهو من كوريا الجنوبية) خجولا في طرح أفكاره، خلافا لسلفه كوفي أنان.
وبعد اختتام الكلمات الترحيبية بدأت مداولات الجلسة الأولى، إذ أدراها الإعلامي المعروف ديفيد فوستر. وأمتع رئيس الوزراء اللبناني السابق سليم الحص الحضور بمداخلته عندما شن هجوما على بعض الممارسات غير الديمقراطية في الغرب مثل تعيين أعضاء مجلس العموم في بريطانيا. ولاحظت بأن الرئيس اللبناني لحود كان يستمع بدقة متناهية إلى حديث الحص، وخصوصا عندما قال «هناك الكثير من الحرية ولكن هناك القليل من الديمقراطية في لبنان».
ولم تقل مداخلة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى من حيث الحدية ضد الغرب وذلك في حضور رئيس مجلس العموم البريطاني جاك سترو على خشبة المسرح. بدوره دافع سترو عن سياسة بلاده في نشر ثقافة الديمقراطية في المنطقة.
التجارة الحرة
تندرج مشاركتي بورقة عمل في المنتدى بالشق المتعلق بالتجارة الحرة بحكم كوني متخصصا في الاقتصاد. يعتقد أن هناك ترابطا بين التجارة الحرة والتنمية والديمقراطية. فالتجارة تساهم في التنمية الاقتصادية والتي بدورها تمثل الدعامة المطلوبة لترسيخ مبادئ الديمقراطية. فلا يمكن تصور استمرار الديمقراطية بشكل سلمي في ظل وجود تحديات اقتصادية مثل البطالة والفقر.
كما أن من متطلبات تنفيذ اتفاقات التجارة الحرة والتزام الدول الأعضاء ببعض الشروط مثل عدم التمييز في ممارسة النشاط التجاري وفي ذلك تأكيد لمبادئ الديمقراطية. كما تلزم الاتفاقات احترام حقوق الإنسان بغض النظر عن اللون أو النوع أو أية أمور أخرى.
يبقى أن التجارة الحرة مسألة حيوية بالنسبة لقطر إذ انطلقت منها في نهاية العام 2001 بجولة الدوحة لتحرير التجارة العالمية. ولم تنجح الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية في إنهاء المفاوضات المتعددة الأطراف بسبب الخلافات بين بعض التكتلات الاقتصادية بشأن دعم المزارعين. نأمل الحديث بشأن هذا الموضوع في مقال يوم غد (الخميس).
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1692 - الثلثاء 24 أبريل 2007م الموافق 06 ربيع الثاني 1428هـ