أصبح من الملاحظ كثرة الحديث عن الطائفية في عالمنا العربي وذلك بعد احتلال العراق وبسبب ما فعله الأميركان وأعوانهم من نشر للطائفية وتشجيعها ولكل منهم أجندته الخاصة من جراء فعله البغيض.
وقد لاحظنا أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز حذر من الطائفية في كلمته التي ألقاها في مجلس الشورى السعودي وأكد أهمية نزع فتيل الطائفية والفتنة بين السنة والشيعة من مختلف العالم الإسلامي وخصوصا في العراق ولبنان.
وفي لبنان - وبعد حرب حزب الله مع «إسرائيل» - ازداد الحديث عن الطائفية التي تهدد بانقسام لبنان وقد تقود إلى حرب أهلية على رغم تأكيد الجميع استحالة مثل هذه الحرب ولكن هذه التأكيدات قد لا تستطيع الصمود طويلا أمام الكم الهائل من المشكلات التي يعاني منها اللبنانيون.
أما في العراق فحدث عن الطائفية ولا حرج، ولعل آخر مهازل المستعمر ومآسيه عزمه على بناء أسوار عازلة بين أحياء السنة والشيعة في بغداد!
حكام العراق الذين في الواجهة لا يستطيعون فعل شيء وإلا لما سمحوا بحدوث مأساة كهذه رفضها السنة والشيعة معا، هذه المأساة التي تذكرنا بجدار الفصل العنصري في فلسطين ولعلها تعطي دلالة قوية على أن المستعمر في البلدين واحد ويفكر بالطريقة العنصرية نفسها.
وإذا اتجهنا إلى باكستان رأينا صورا دموية من الفتنة الطائفية تبرز بين آونة وأخرى يكون ضحاياها من الفئتين وتزداد الفرقة بينهما بعد كل اقتتال وموت.
الفتنة الطائفية أطلت برأسها في بعض دول الخليج وإن كانت بصورة أقل من مثيلاتها خارج هذه الدول ولكن ليس من المؤكد أنها ستبقى كذلك إلى ما لا نهاية إن لم تكن هناك خطوات جادة لمحاصرتها.
واستشعارا من تلك المخاوف بدأنا نسمع تحذيرات من هنا أو هناك، بعضها من سياسيين وبعضها الآخر من مثقفين أوعلماء دين، والكل يحذر من تصاعد تلك الفتنة الهوجاء ويطالب بعمل جاد ومستمر لوأد الفتنة المتوقعة في مهدها.
وزير داخلية البحرين الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، اعتبر أن الطائفية أخطر تهديد تواجهه البحرين، وطالب جميع فئات المجتمع بأن تتوحد وتتماسك بدلا من التفك والتخاصم.
ولأن وزير الداخلية البحريني يتابع الأوضاع الطائفية في المنطقة ويعرف خطرها فقد كان يأمل ألا تنعكس هذه الأوضاع على شعب البحرين ولا على مؤسساته.
جميل من وزير الداخلية أن يتحدث عن مخاطر الطائفية ولكن الأجمل من ذلك أن يعمل على استئصال مصادرها ولاسيما أن وزارته هي المعنية بالدرجة الأولى بمساوئ وأخطار الطائفية وفتنها المدمرة... صحيح أن المجتمع كله سيعاني من تلك الأخطار ولكن مسئوليات المجتمع تتفاوت ما بين مؤسسة وأخرى.
والسؤال كيف نستطيع القضاء أو التقليل من مخاطر الطائفية سواء في البحرين أو سواها، إذ إن المشكلة واحدة وعلاجها لا يختلف كثيرا ما بين دولة وأخرى؟
أعتقد أن أهم نقطة في هذا العلاج هو تحقيق مبدأ العدالة بين جميع فئات المجتمع وعدم التمييز بين شخص وآخر بسبب مذهبه.
لقد أثبت تاريخنا الإسلامي أن العدالة وحدها هي التي تحقق المواطنة الصالحة والانتماء الحق للوطن، والمواطن الصالح يقدم الخير لبلده ويدافع عنه بكل إخلاص... ولكن هذا الدفاع عن الوطن لا يقدم عليه إلا من يتمتع بالعدالة المطلقة في بلده.
الحرية المنضبطة مطلب آخر للحد من الفتنة الطائفية، فالمواطن إذا استطاع أن يعبّر عن آرائه ضمن القنوات المتاحة من دون خوف أو وجل فإنه يكون قادرا على إيصال صوته ومطالبه لأصحاب القرار لينظروا في تحقيق الصالح منها بهدف إيجاد حلول لمشكلات المواطنين.
أعتقد أن صانع القرار من مصلحته أن يستمع إلى الآخرين ليتعرف على قضاياهم منهم مباشرة ليكونوا أقدر على صنع القرار الأفضل... أما العلماء والمفكرون فدورهم كبير في وأد الفتنة الطائفية، ويجب أن يقفوا مع حكوماتهم في تحقيق هذا الهدف الذي يحقق الأمن لجميع أفراد المجتمع.
سررت كثيرا من حديث الوزير عن مخاطر المخدرات والتحذير منها، فهذه الآفة دمرت شبابنا وقضت على الكثير من قدراتهم، بل إنها أحدثت خللا واضحا في بيئة المجتمع، والقضاء على هذه الظاهرة واجب ديني ووطني، والأمل أن يتعاون كل فرد في تحقيق هذا المطلب.
أخيرا، تحقيق الآمال يتحقق بالأعمال الجادة والمدروسة وبتعاون كل أفراد المجتمع... فهل نرى شيئا قريبا يتحقق؟
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 1691 - الإثنين 23 أبريل 2007م الموافق 05 ربيع الثاني 1428هـ