العدد 2255 - الجمعة 07 نوفمبر 2008م الموافق 08 ذي القعدة 1429هـ

الجمال لا يكفي وحده دائما

في يوليو/ تموز الماضي تسبب طرح العدد الأخير من مجلة الأزياء الإيطالية الشهيرة «فوغ» بصدمة لكثير من الدوائر في عالم الموضة والأزياء في الغرب، فقد تصدرت الغلاف صورة واحدة من أشهر العارضات السمراوات، لكن القصة الحقيقية لم تكن تتعلق بالصورة نفسها بل بحقيقة أن المجلة اختارت أن تكرس كل صفحات العدد للحديث عن العارضات السمراوات، بل إن البعض أطلق عليها «النسخة السوداء».

وقد قيل يومها إن خطوة إدارة تحرير المجلة أرغمت صناعة الأزياء على مراجعة موقفها من الاعتراض على وضع صور عارضات من غير البيض على أغلفتها، وبالفعل فقد كثر الطلب على العدد المشار إليه من المجلة، وهو ما حدا بناشرها إلى طبع 40 ألف نسخة إضافية عدا النسخ الأصلية البالغة 109 آلاف نسخة. ومع ذلك بقي الطلب على العدد كبيرا.

المشككون قالوا يومها إن الأمر لا يعدو كونه نوعا من الحس التجاري الذي يقتنص الفرص في أوقات الانكماش في الموارد الإعلانية، لكن هناك من عبّر عن التفاؤل بأن يكون صدور عدد كامل من مجلة أزياء شهيرة مخصص للعارضات السمراوات، بداية حقيقية لتحول في موقف تلك الصناعة منهن. فعلى مدى سنوات كان العذر الذي تقدمه وكالات الإعلان، لعدم توقيعها عقودا مع عارضات سمراوات، ومحررو المجلات الشهيرة الذين يحجمون عن وضع صور نساء من غير البيض على أغلفة مجلاتهم، هو أن هؤلاء العارضات لا يحققن مبيعات جيدة، لكن يبدو أن ذلك كان صحوة متأخرة من جانب صناعة الأزياء ووكالات العروض على حقيقة أن هناك حاجة للتنوع واستغلال الموارد المربحة للاحتفاء بالفروقات الاجتماعية والثقافية بين أبناء المجتمع الواحد.

كان على العارضات السمراوات أن ينتظرن عقودا قبل أن يتمكنّ من فرض أنفسهن على عالم صناعة الموضة والعروض، فقد ترسخت مفاهيم غريبة في هذا العالم العجيب فرضت تصورا أحادي الجانب يرى في الجمال الأبيض فرس رهان يجلب الملايين، وبما أن العامل التجاري الربحي كان الأهم في الصورة، فقد قبعت الجميلات السمراوات في الظل بانتظار فرصة سانحة أو رأي منصف يبدد كل مشاعر القلق والاضطهاد لديهن.

فترة الخمسينيات من القرن الماضي شهدت أول ظهور لعارضات سمراوات، عندما تمكنت دوروثي تاولز من اقتحام هذا العالم من أوسع الأبواب، وفي قلب باريس عاصمة الموضة آنذاك. يومها استعان بها المصمم الشهير كريستيان ديور وقدمها للعالم، لتنفتح أمامها كل الأبواب المغلقة. ومع أن بعض العارضات السمراوات غزون منصات العروض بعد ذلك، إلا أن الفرصة الحقيقية للعارضات السمراوات لم تسنح إلا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، التي يعتبرها الكثيرون العصر الذهبي لهن، في تلك الحقبة ظهرت عارضات من طراز إيمان، التي سيطرت على المشهد، ومن ثم تزوجت من المغني الشهير ديفيد باوي، قبل أن تظهر العارضة السوبر نعومي كامبل، التي فرضت نفسها بقوة وكرست لحضور قوي للعارضات السمراوات.

واليوم تعد نعومي كامبل ومعها تيرا بانكس أبرز عارضتين سمراوين. فالجمال الطبيعي الذي تتمتع به الاثنتان إضافة إلى الحضور الآسر لهما، لم يجعل منهما اثنتين من أبرز العارضات الأميركيات فحسب، بل من أبرز عارضات العالم. إذ تسابقت كبرى المجلات العالمية الشهيرة على تزيين أغلفتها بصورتيهما. واشتهرت تيرا بانكس بجسدها المتناسق وجمالها الطبيعي اللافت، إلى الحد الذي أثار ضجة كبيرة في عالم عروض الأزياء إضافة إلى ظهور برامج تلفزيونية خاصة بتقديم المواهب الجديدة من بين الفتيات السود، ومع أن تيرا كانت تعد «البطة القبيحة» في عائلتها، فإن القدر أوصلها إلى قمة الشهرة في عالم العروض. وبعد أن قدمت الكثير من الاختبارات للانضمام إلى إحدى وكالات العروض، قررت تيرا دخول الجامعة للدراسة، وفي هذه الفترة تعرفت عليها إحدى الوكالات لتضمها إلى قائمة عارضاتها وتنقلب حياتها رأسا على عقب.

ازدادت شهرة تيرا عندما عملت في مجلات الملابس النسائية الداخلية الشهيرة «فكتوريا سيكرتس» العام 1997، لكن التحول الكبير في حياتها جاء عندما انتقلت إلى العروض التجارية.

نعومي كامبل هي الأخرى واحدة من أبرز العارضات السمراوات اليوم، فقد ظهرت صورها على أغلفة العشرات من أشهر المجلات العالمية، كما أن أسلوبها الفريد والمميز في عرض الأزياء جلب لها الكثير من النجاح، وعلى رغم أن بعض العارضات حاولن تقليد أسلوبها ومشيتها على المنصة، إلا أنها تبقى هي الأصل، مع ما تضيفه ضفائرها السوداء من ألق على ذلك الأسلوب.

عندما تعرّف المصور الأميركي بيتر بيرد على إيمان ابنة السفير الصومالي السابق لدى السعودية أدرك أنه وقع على كنز ثمين فسارع إلى توقيع عقد معها لتكون عارضة، وكانت إيمان أكملت دراستها الثانوية في مصر ومن ثم درست العلوم السياسية في جامعة نيروبي في كينيا، وأتقنت خمس لغات قبل أن يقودها الحظ إلى عالم العروض حيث تفوقت، وبعد انتقالها إلى الولايات المتحدة انطلقت شهرة إيمان إلى كل أنحاء العالم، وخاضت بعض التجارب في السينما لكنها لم تستمر فيها، لكن الإسهام الأكبر لها تمثل في تشجيع الفتيات السمراوات في كل أنحاء العالم على خوض تجارب جديدة لإثبات الذات.

مع أن اسم «أليك ويك» يعني بلغة قبائل الدنكا السودانية التي ولدت العارضة أليك ويك لإحدى عائلاتها «البقرة السوداء والبيضاء»، فقد قدر لهذه الفتاة أن تصبح في عداد أشهر العارضات في العالم. اضطرتها ظروف الحرب في السودان إلى السفر إلى بريطانيا في تسعينيات القرن الماضي، وهناك اكتشفها وكلاء مؤسسات عروض الأزياء في مركز للتسوق وكانت في الثامنة عشرة. وسرعان ما لمع نجمها في كل أنحاء العالم لتذهب في مهمات لعرض الأزياء في باريس وميلانو وسواهما، ولم يقف الأمر عند هذا الحد حيث انتقلت إلى التمثيل وقدمت دورا في فيلم «الريشات الأربع» العام 2002.

في بريطانيا أيضا قدمت إحدى وكيلات العروض البارزات صورة مقلقة للتمييز العنصري الذي يعيق المسيرة المهنية للعارضات السمراوات، إذ قالت كارول وايت الشريكة في تأسيس واحدة من أشهر وكالات العروض: «من المؤسف أننا في صناعة يتوجب عليك فيها أن تعرض على الرف البضاعة التي تبيع، وبحسب المجلات فإن العارضات السمراوات لا يبعن، الناس لا يميلون للحديث عن هذا الأمر، لكن ينبغي على العارضة السوداء أن تكون جميلة ومثالية لأننا غير قادرين على امتلاك تنوع مع العارضات السود، هناك تنوع أكثر لدى العارضات البيض». واستشهدت الصحيفة في موضوعها بأن مجلة مثل «ماري كلير» لم تنشر أكثر من 8 صور فيها نساء من السود، فيما اقتصرت مجلة «غلامور» على 4 صور فقط. وبذلك يبدو الأمر وكأن استخدام العارضات السمراوات في العروض والمجلات يقتصر على استخدام حفنة من «الأسماء الكبيرة» مثل نعومي كامبل وتيرا بانكس وأليك ويك.

وبالنظر لكل ما سبق هل أصبح بإمكاننا القول إن الوقت قد حان لإحداث نوع من التغيير في النظرة إلى مكون ثقافي مهم في عالم اليوم؟ فعلى مر التاريخ ثبت أن الجماليات المهيمنة في أية حقبة زمنية تعكس بالضرورة مزاج المرحلة. ولذا ربما يكون الوقت مناسبا الآن لسيطرة العارضات السمراوات على المسرح، ولاسيما إذا قدر للمرشح الديمقراطي منصب الرئيس في الولايات المتحدة أن يكون أول أسود يصل إلى البيت الأبيض.

العدد 2255 - الجمعة 07 نوفمبر 2008م الموافق 08 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:09 ص

      الاسلام

      هي صومالية مسلمة ام لا واذا كانت مسلمة ما هذهي الاملابس وين قاعدين اهي فوضة الدنيا
      الحين محد يفرق بين مسلمة و مسيحية و لا يهودية ولا بوذية ولا مجوسية ولا شنو كلهم نفس الملابس متسترين ولا مو متسترين مو حرام الحين خليكم لاهين بالدنيا و باجر في الاخرة يبجون الحين تقرون كلامي و طلعونى من الاذن الثاني اهدينا يا رب و ارحمينا والدخلنا فسيح جناتك وانا حقا اريد تكملت جامعتي في امريكا انشاء الله بعد الثانوية لاكن اروح وانا محتشمة مو اطالع يمين وشمال و انشر الدين الاسلامي التزموا بدينكم او اخرجو

اقرأ ايضاً