يدّعون دائما أنهم لا يكترثون بها، وأنها ليست أكثر من ثرثرة مجلات فضائح ومواقع إلكترونية، وأنهم لم يعرفوا أو يسمعوا بغالبيتها، وما يصل إليهم يصلهم بالصدفة (فصديق لهم اتصل وسأل عن صحة الخبر).
الشائعات، فن بات يتقنه الكثير من الفنانين ومساعديهم كما يتقنون التمثيل والغناء، فلا فنان من دون شائعة تبرز اسمه على أغلفة المجلات الفنية بين الحين والآخر، وتجعل من خصوصيات حياته الحديث الشاغل للأوساط الإعلامية، وقد تتحول المسألة من (حبة إلى قبة) كما يقال.
والشائعات أنواع، منها ما لا ينكرها أو يؤكدها الفنان، (فسيط ثراء ولا سيط فقر)، منها ما يلقى سخطا وإنكارا ورفضا من قبل من إطلقت عليه، وبعضها ما ينتشر كالنار في الهشيم، من دون أن تلقى أي رد فعل ينفيها، وهذا النوع كثيرا ما كان يستهدف في أخباره صانعها، فكثيرة هي الشائعات التي ينشرها الفنانون عن أنفسهم لسبب أو لآخر.
وصنعة الشائعات اليوم يقوم بها الكثيرون، فالمعجبون الذين يبحثون عن أية فتات خبر يدور حول مشاهير يحبونهم قد ينشرون أي شيء من دون تحقق أو تقصي، وخصوصا أن المنتديات على شبكة الإنترنيت تسمح بالكثير من غير رقيب أو متقصٍ، ولعل هواة الشائعات من معجبين ليسوا وحدهم قليلي التدقيق في أخبارهم، فتكاثر وسائل الإعلام من صحف ومجلات وحتى محطات تلفزيونية، التي تنشر الأخبار فور تلقيها من دون تتبع للمصدر وتحقق من المصداقية، بات منفذا لهذه الشائعات، فالأخبار المثيرة عن فضائح الفنانين تتحول إلى مصدر ممتاز لجذب المتتبعين.
ولا يهم أن يكون الخبر الأول دقيقا أو صادقا، فمسألة إنكار الخبر بعد فترة من قِبل الفنان أو مدير أعماله باتت مسألة مقبولة حتى في بعض وسائل الإعلام المحترمة، فينشر الخبر عند تلقيه ويُكذّب عند تلقي الرد، وإن كان المتابع صدق خبر الإنكار، فسيعرف أن ما قرأه في المرة الأولى قد بات قديما مع خبر الإنكار الجديد، وإن لم تشأ الصدف أن يلتقي خبر الإنكار فستبقى قصة الفضيحة هي الأصل عنده، حتى إشعارٍ أخر.
إضافة للمعجبين المهووسين، ووسائل الإعلام التي تبحث عن الرزق عبر الثرثرة التي لامصدر واضح لها، هناك أشخاص مقربين من الفنان أو الفنان نفسه يبتكرون أحداثا وفضائح تنشر عنهم هنا وهناك، وهذه الأقاويل غالبا ما تكون قبل طرح ألبوم غنائي، أو بدء عرض فيلم على شاشات السينما، إلا أن هذه الحالات ليست هي الوحيدة، فبعض المشاهير يلجأون للشائعة رغبة منهم في بقاء أسمائهم حاضرة على الساحة الفنية حتى لو من خلال الثرثرة والأحاديث فقط.
ومن بين أكثر الشائعات التي تروج على صفحات المجلات ومواقع الانترنيت مثلا، شائعات الحوادث التي تقع للفنانين، والأمراض المستعصية، وقد تصل الشائعات أحيانا لترويج أخبار وموت بعض الفنانين، والتي باتت تتكرر كثيرا مؤخرا، أمثال الممثلة السورية الشابة (تاج حيدر) التي أشيع قبل فترة وفاتها في حادث سيارة على خلفية عدم ظهورها في المسلسل السوري المعروف (باب الحارة)، كما أشيع أيضا خبر عن وفاة الفنان العراقي الشهير (كاظم الساهر)، وتبين فيما بعد أنه كان في دولة الإمارات أثناء إشاعة الخبر، وأن الخبر لا أساس له من الصحة.
أما شائعات الطلاق والزيجات والعلاقات، فلا يهرب منها اسم فنان، فشائعة العلاقة بين فنان وفنانة إثر مشاركتهما في عمل تلفزيوني أو غنائي أو سينمائي سويا باتت من الأمور التي لا تخلو منها صفحات مجلة فضائح، بالإضافة لشائعات العروض لأداء أدوار في هوليود، أو الحصول على بعض الجوائز العالمية.
ولعل الشائعات والأكاذيب، ساهمت في الكثير من الأحيان في إعادة وجوه فنية قد تحتل مراتب متأخرة في مجالها للمقدمة، بحكم غرابة الحدث أو إثارته، كما أنها أعطت بعض الشخصيات سيرة ذاتية تتسم معالمها بالغموض والمغامرة، حتى وإن كانت هذه الصفات لا وجود لها عند صاحبها. في مقابل الميزات ساهمت الشائعات في تدمير صورة آخرين، وخصوصا حين يتم كشف (فبركتها) وتلفيقها من قبل الفنان، أو دور الفنان في إشعال نارها بشكل أو بآخر، رغبة منه في الحصول على تلك الصورة المتميزة أمام معجبية.
العدد 2255 - الجمعة 07 نوفمبر 2008م الموافق 08 ذي القعدة 1429هـ