وصل مهرجان أوباما المتنقّل ثم غادر، وحان الوقت الآن لجمهور مقاطعة كولومبيا لوضع خططه لصنع السلام. لا يستطيع الشرق الأوسط الانتظار وإذا لم يتم تحقيق تقدم فسيكون هناك تراجع باتجاه العنف. ليس هناك «وضع راهن» في الشرق الأوسط، وإليك بعض الاستنتاجات التي يتوجب على الفريق الأميركي تقديمها في واشنطن.
السلام الاقتصادي - أنتج التلفزيون الإسرائيلي تقارير مجلات حول الاقتصاد المزدهر في رام الله، تظهر الرابط المباشر بين الوصول والتواصل، والنمو الاقتصادي. النمو قصير المدى مثير للإعجاب إذا أخذنا بالاعتبار سنوات التراجع الماضية. إلا أن هناك حدود يجب فهمهما، ويجب أن لا يعمينا التغيير الإيجابي المفاجئ عن الواقع الاقتصادي للمناطق المحتلة.
تتواجد الاستثمارات الرئيسية في العقارات، وهو أسلوب جيد لإطلاق أي اقتصاد وإيجاد فرص عمل. ولكن هناك حاجة لدفعة حقيقية في الاستثمارات الصناعية، وهذا ببساطة لا يحصل. هناك الكثير من النقد في اقتصاد الضفة الغربية يجري إنفاقه على البضائع الاستهلاكية، وخصوصا على مواد البناء. ستحتاج المشروعات العقارية الرئيسية مثل بناء مدن جديدة، تحويل مساحات من مناطق ج (60 في المئة من الضفة الغربية تقع تحت سيطرة «إسرائيل» الكاملة) إلى مناطق أ أو ب. وإذا لم يتم ذلك فلن تتم هذه المشروعات التنموية الكبرى، بما فيها بعض المشروعات التي يرعاها توني بلير. السلام الاقتصادي له أبعاد حدودية.
المستوطنات: تقترح التقارير الإسرائيلية أن وزير الدفاع إيهود باراك والمبعوث الخاص للأمم المتحدة كانا يتفاوضان على حل وسط لا يطبق تجميدا كاملا للاستيطان، وإنما ربما يحدد من وقته. التقارير الواردة من واشنطن مختلفة تماما. يعلم الرئيس أوباما أن العالم الإسلامي برّمته يراقبه ليرى ما إذا كان سيرضخ تحت الضغط الإسرائيلي. وإذا فعل ذلك فستفقد جميع الكلمات التي استقبلت بحرارة في خطابه بالقاهرة صدقيتها في عيون مليارات الناس الذين أرادوا أن يعتقدوا أن هناك تغييرا حقيقيا بدأ يحدث في واشنطن.
أصبح ما كان قضية تكتيكية بشكل رئيسي (لأن تجميد المستوطنات لا يحقق تغييرا حقيقيا على الأرض) قضية ذات أهمية استراتيجية حقيقية لأية عملية سلام في المنطقة. من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية لا تفهم تصميم الولايات المتحدة فيما يتعلق بقضية المستوطنات. لن يحقق أي تجميد مؤقت أو زائف شيئا، وإذا بقي الأميركيون على مشاركتهم فلن يتراجعوا.
القدس: لا يختلف البناء اليهودي في القدس الشرقية في عيون الأميركيين عن البناء في أية مستوطنة في الضفة الغربية. لم تعترف الولايات المتحدة أبدا بالسيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية، ولن تفعل ذلك في المستقبل القريب. ستستمر القدس بكونها نقطة مشتعلة ليس فقط مع الولايات المتحدة وإنما مع العالم كله.
الأمن الفلسطيني: خطت قوات الأمن التابعة للسلطات الفلسطينية خطوات هائلة نحو إيجاد شعور بالأمن والقانون والنظام في الضفة الغربية. مكّن الانتشار المتواصل لقوات السلطة الفلسطينية المدربة بإشراف الجنرال الأميركي كيث دايتون في جميع مدن الضفة الغربية من إزالة نقاط التفتيش. سيتركز الضغط الأميركي الآن على إزالة مئات الحواجز التي أدت إلى إيجاد شبكات نقل منفصلة.
يشكل فصل طرق المواصلات الفلسطينية عن الطرق الإسرائيلية أمرا لا تستطيع الولايات المتحدة برئاسة باراك أوباما تفهمه. إضافة إلى ذلك، هناك التزام إسرائيلي في خريطة الطريق بإعادة نشر قوات الجيش الإسرائيلي إلى مواقع كانت تحتلها قبل 28 سبتمبر/ أيلول العام 2000. سيكون هناك ضغط أميركي على «إسرائيل» بالانسحاب مع وجود شعور بأداء أمني أفضل من قبل السلطة الفلسطينية يشترك فيه الجميع.
المفاوضات: يجب أن يكون واضحا، نتيجة لما سمعه المسئولون الأميركيون في القدس ورام الله الأسبوع الماضي، أنه من غير المجدي المطالبة بمفاوضات مباشرة ثنائية متجددة من النوع الذي ساد خلال عمليتي أوسلو وأنابوليس. ليست هناك فرصة في الوصول إلى اتفاقية ثقافية متفاوض عليها في غياب وسيط أميركي في الغرفة يعرض مقترحات تجسر الهوة على الطاولة تفرض على الطرفين اتخاذ القرارات. إضافة إلى ذلك، ليس هناك إطار زمني على المفاوضات، وليست هناك ضرورة لبدئها. يجب فهم الموعد الأخير على أنه نية دولية لاتخاذ قرارات حول عملية السلام وإنشاء دولة فلسطينية، وحل جميع القضايا المعلقة خارج أية مفاوضات إسرائيلية فلسطينية.
غزة/ حماس: يجب أن يكون هناك اعتراض في الوقت الراهن أن غزة موجودة خارج عملية السلام. يمكن للمفاوضات أن تنتقل قدما وتطبّق في الضفة الغربية. عند وجود واقع سياسي جديد في غزة، يصبح في الإمكان ضمه في اتفاقية. حتى ذلك الحين، لا يمكن أن تكون هناك عملية سلمية فيما يتعلق بمستقبل غزة.
يجب تمديد وقف إطلاق النار في غزة، ويجب رفع الحصار الاقتصادي عن مليون ونصف المليون فلسطيني، ويجب القيام بتبادل الأسرى لإعادة جلعاد شاليط إلى بيته. يتوجب على «إسرائيل» أن تفهم أن الحصار الاقتصادي لم يضعف حكم حماس بل زاد من قوته. لم يتأثر الناشطون في حماس، وإنما الناس العاديين هم الذين يعانون.
وفي حال انتهاء الحصار الاقتصادي فإن المعاناة المستمرة لن تكون سوى نتيجة لقوانين دينية طالبانية تفرضها حماس ضد رغبة الأكثرية. لندع حماس تواجه الشعب في غياب الفرصة لإلقاء اللوم على «إسرائيل» لكل ما يحصل. لن تبقى حماس طويلا، فقد ضجر الناس، ولكنهم لا يستطيعون القيام بثورة مدنية ضد حماس طالما أن المشكلة الرئيسية هي الإغلاق الاقتصادي لغزة.
سورية: تريد واشنطن استئناف المحادثات الإسرائيلية السورية. وضعت كل من «إسرائيل» وسورية شروطها المسبقة المعروفة الآن، ويبدو أنه لا يمكن جسر المطالب الموضوعة. لن يجدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو «وديعة رابين» التي تضمن لسورية انسحابا كاملا إلى حدود 4 يونيو/ حزيران مقابل تحقيق مطالب «إسرائيل» الأمنية والمائية والتطبيعية. لن تعود سورية لدخول مفاوضات تبدأ من المربع رقم واحد.
يمكن لبديل واحد لسياسة أميركية أن يكون ببساطة إرسال دعوات لكلا الطرفين للحضور إلى واشنطن، ولنرى من الذي سيستنكف.
*المدير التنفيذي العام المشارك لمركز «إسرائيل» فلسطين للبحوث والمعلومات، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 2534 - الخميس 13 أغسطس 2009م الموافق 21 شعبان 1430هـ