هنا في البحرين، لا سياسة في السياسة. يتعايش الفرقاء السياسيون في حقل ضيق مزدحم يجري فيه كل شيء، التشكيك، الشك، التخوين، التآمر، الأعمال المخابراتية ما خلا أن يمارس أي طرف أو فريق سياسي عملية سياسية حقيقية مع طرف آخر .
مضت بنا فترة طويلة ومازال الفرقاء السياسيون في أماكنهم عاجزين عن الحركة وعوض أن يتقدم أحد ما للأمام فيتقدم الآخرون معه نجد الجميع متفقين على التراجع أكثر وأكثر صوب مناطق الأمان السياسي، فرق السلطة تتمسك بكلاسيكيات السلطة وكذلك هي فرق المعارضة على النقيض من ذلك. واليوم نسأل، ما الجديد لدينا بعدما أصبحت المعارضة - كما يبدو - شريكة مباشرة في المشروع الإصلاحي عبر مجلس النواب؟ اعتقد حتى الآن أن إجابة السؤال رياضيا هي «فاي».
في مجلس النواب. الويل لجمعية الوفاق - ممثل المعارضة - إن هي أقدمت على طلب الحوار فضلا عن الاقتراح عن أيٍ من الملفات السياسية العالقة (التعديلات الدستورية- التجنيس - التقرير المثير للجدل)، والويل للنائب عبدالعزيز أبل المستقل المدعوم من الوفاق إن صرح أو تحدث أو تكلم أو صوت بغير ما يشتهي الوفاقيون. اليوم أيضا، الويل كل الويل لأي من النواب السنة إن صوت مع الوفاق - ولكم في لطيفة القعود التي صوتت مع الوفاق أسوة حسنة - كاسرا معادلة 22 نائبا سنيا مقابل 17 نائبا شيعيا وسنيا واحدا متحالفا. الطريف في الأمر، ان خروج النظم البرلمانية لم يكن إلا لتمثيل المجتمعات وتهدئتها ما خلا المجلس النيابي البحريني الذي يبدو تموضعه في الخارطة السياسية كرأس الأفعى الطائفية.
خطأ الوفاق حين تخلت/حاربت /لجمت حلفاءها السنة من التيار الوطني الليبرالي أم خطأ السلطة حين تخلت/ حاربت/ لجمت حلفاءها من السنة والشيعة في التيار نفسه؟. لا يهم فالاثنان معا - السلطة والوفاق - يدفعان اليوم ثمن أخطائهما معا.
حوار وتحاور وطني قوامه السياسة المخابراتية، هذا كل ما لدينا اليوم. أسرار ودسائس ومكائد من مراكز مجهولة والعديد من العمل المخابراتي بامتياز. مرحى للبحرينيين ماهم عليه. أصبح البحرينيون كافة سياسيين بامتياز فحين غابت مفاصل العمل السياسي وحل الحوار «الطائفي» بديلا لنا نسى وتناسى الجميع ما يجري، وتفرغ القوم للحفر ونصب المكائد.
اليوم، لا يمكننا أن نفكر في أكثر من ذلك حتى تتأتي البيئة السياسية المناسبة والتي لا تعود لنا إلا حين نتخلص من سياسيات الإستخبارات والتخوين والطائفية لنتوجه نحو المجلس النيابي والحوار الوطني بعقول نظيفة وخيارات جديدة تعلو فوق المصالح الضيقة والآفاق المسدودة.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1690 - الأحد 22 أبريل 2007م الموافق 04 ربيع الثاني 1428هـ