بدأت أمس ورشة عمل نادرة من تنظيم البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وجمعت نحو 60 من علماء دين من الشيعة والسنة، و40 من الداعيات الإسلاميات من الطائفتين، بهدف مكافحة مرض الايدز الذي ينتشر في منطقتنا العربية بنسبة تفوق النسب العالمية، ولكن الأكثرية صامتة بشأن هذا الانتشار.
الدلالة الأولى هي أن الأمم المتحدة تنفذ ما قررته قبل عدة سنوات بشأن الاعتراف بدور الدين في حياة الإنسان، وكانت الأمم المتحدة قد عقدت قبل نحو خمس سنوات اجتماعا لعلماء الدين لاستشارتهم في شئون العالم المختلفة.
أما الدلالة الثانية، فهي أنّ الدين يمكنه أن يصل إلى قلوب وعقول الناس بشأن قضايا خطيرة، ولكن خطب الجمعة والجماعة والندوات الإرشادية تغفلها لعدم معرفتها بالخطورة الكامنة من مرض الايدز. فهذا الوباء أصاب حاليا 39 مليون إنسان في العالم (الغالبية العظمى منهم في إفريقيا)، ومات ثلاثة ملايين إنسان في العام 2006.
وفي البحرين أصيب نحو 265 شخصا، نصفهم توفي بسبب هذا المرض. وفي السعودية هناك نحو ألف حالة مسجلة، لكن العدد الحقيقي ربما يصل إلى عشرة آلاف، بحسب أحد الخبراء المطلعين على موضوع انتشار وباء الايدز. وعلى رغم أن لدينا مئات الجمعيات الأهلية في البحرين، فإنه لا توجد جمعية لحماية المتعايشين مع مرض الإيدز.
الايدز ينتقل عبر الاتصال الجنسي أو عبر انتقال الدم، وهناك الكثير من الأطفال يولدون مع المرض منتقلا من الوالدين، وهناك إحصاءات تقول إن معدل الزيادة السنوية في بلداننا العربية تصل إلى 300 في المئة سنويا، لأن الموضوع يعتبر «عيبا»، والجميع يغض الطرف عن مسبباته وطرق الوقاية منه.
البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة يحاول تغيير وجهة نظر المجتمع في كيفية التعامل مع مرضى الايدز، واعترفت الأمم المتحدة أن القيادات الدينية يمكنهم فعل الكثير في هذا الشأن، ولذلك فهي تجلس معها لإيصال المعلومات الأساسية بشأن هذا الموضوع... والورشة التي ترعاها الأمم المتحدة تحاول تغيير وجهة النظر السائدة التي توصم مرضى الايدز بأفكار تحد من إمكانية التعامل بطريقة فعالة لحماية المجتمع من انتشار هذا الوباء.
إننا بحاجة إلى استراتيجية واضحة معتمدة على مسوحات طبية لتحديد حجم المشكلة، كما إننا بحاجة إلى حملات إعلامية تتبناها الحكومة لنشر الوعي بين الناس، وهذه الحملات تستفيد منها القيادات الدينية لإيصالها إلى الناس كافة، وخصوصا أن هناك الكثير من الأبرياء الذين أصيبوا (وسيصابون) بهذا الوباء بسبب الجهل أو بسبب التجاهل أو بسبب الوصم بالعيب الذي يمنع الدخول في صلب المشكلة وتطويقها.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1690 - الأحد 22 أبريل 2007م الموافق 04 ربيع الثاني 1428هـ