العدد 1689 - السبت 21 أبريل 2007م الموافق 03 ربيع الثاني 1428هـ

ألعاب الفيديو والسكاكين!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

السينما صناعةٌ غربيةٌ بالكامل، ولأنها خُلقت في رحِم الغرب، كان من الطبيعي أن تكتسب سماته وصفاته وملامحه العامة. وهذا ما يفسّر تلك الفوارق الكبيرة تقنيا وفنيا بين السينما الغربية و «العربية»، إن كان ثمة سينما تستحق أن تحمل الاسم الأخير.

السينما بدأت بالأفلام غير الناطقة قبل أكثر من 100 عام، حتى بلغت سن النضج الآن، فيما نراه من إنتاج متطوّر مبهر. الممثل الأجنبي يتقمّص الدور ويقنعك بأدائه، بينما سمعت ممثلة خليجية قبل أسابيع في عرضٍ لأحد الأفلام تقول حرفيا: «يجب ألاّ يتقمص الممثل الدور بحيث ينسى نفسه»!

الممثلة الأجنبية عندما تؤدي دور البكاء، تنزل دموعها متناسبة مع الكلمات، أمّا العربية فحينما تبكي يسيح الكحل على خدها خطوطا. الأجنبية حينما تنهض من السرير تجد شعرها منكوشا، أما العربية فتمثل النهوض من السرير بوجهٍ مغطى بطبقاتٍ من المكياج وكأنها قادمة توا من الكوافير... وهذا هو الفرق بين «الأصلي» و «التقليد».

في العقود الثلاثة الأخيرة، أصبحت السينما تنتج أفلام العنف، التي تلقى رواجا جماهيريا كبيرا، وفق فلسفة إثارة غريزة الخوف، وهي فلسفةٌ طالما لقيت معارضة من علماء التربية والاجتماع والنفس، تحسبا لما ستتركه من أثرٍ سلبي على سلوك الأجيال المقبلة. وكانت هذه التحذيرات صرخة في وادٍ لا يُسمع فيه غير صوت الدولار.

بالنسبة إلينا في الخليج، دخول التلفزيون إلى بيوتنا قبل نحو ثلاثين عاما وسّع نطاق تأثير الإعلام المرئي، خصوصا ذاك الموجّه للناشئة. والرسوم المتحركة التي نشأ عليها جيلان على الأقل من الخليجيين حتى الآن، كانت تقوم على الصراع الرمزي بين الفأر والقط (توم وجيري)، وهي معركةٌ أبديةٌ من العنف الذي زاد عمر مسلسلاته على الخمسين عاما.

في المنتج الأحدث، تواجهنا ألعاب الفيديو الدموية، التي تستولي على أفئدة آخر أجيالنا، وبمقدار ما تضم من مشاهد عنف وقتل يزداد تعلق أطفالنا بها، والطريق في النهاية مسدود، فكما لم يسمع أحدٌ صيحات التحذير من سينما العنف، لن يسمع أحدٌ صيحات التحذير من ألعاب الفيديو الدامية. فمنذ العام 1999 نُشرت بحوث ودراسات في ألمانيا والولايات المتحدة وحتى البرازيل، كانت تتنبأ بنشوب مخاطر مستقبلية، إلا أن أحدا لم يهتم بتحريك ساكنٍ للتعامل مع الخطر الداهم على الأبواب.

آخر الصيحات أطلقها مرشحٌ سابقٌ للرئاسة الأميركية، اسمه ليندون لاروش، في أعقاب مذبحة الطلاب الـ 33 في جامعة فرجينيا، أشار فيه إلى أن بطل المذبحة كان متمرّسا في ألعاب الفيديو الدموية هذه، «فالقدرات التي استعرضها أثناء الجريمة تدل على أن هذا النوع من الخطر الكامن كان ينتظر الظروف المناسبة لإطلاق هذا النوع من الأفعال» كما قال.

في الولايات المتحدة بدأوا ينتبهون في تفسير حوادث العنف (مثل مذبحة فرجينيا)، إلى خطر هذه الأنواع من ألعاب الفيديو التي تروّج للحالات العقلية الشاذة، لبنائها على السباقات العنيفة ومهارة إطلاق النار وتمجيد القتل، ما يخلق سلوكا اجتماعيا مريضا يشبّ عليه الأطفال. أما نحن فسننتظر خمسين سنة أخرى، حتى نبدأ بتلمس أخطار أفلام العنف ومسلسلات الكارتون والألعاب الدموية على سلوك المراهقين والشباب بعد خراب البصرة، ونصحو من سباتنا مفجوعين كلما سمعنا عن اكتشاف «حوطة» تُمارَس فيها الرذيلة أو اعتداءٍ على طفلة قاصر، أو عراكٍ في مدرسة ابتدائية بالسكاكين!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1689 - السبت 21 أبريل 2007م الموافق 03 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً