قال تعالى «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجكم من دياركم وظاهروا على وأخرجوكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون» (الممتحنة:8،9).
إن هذه الآية الكريمة واضحة المعنى والمفهوم والدلالة وهي آية إرشادية نزلت لوضع الاسس الصحيحة لصيانة أمن ومستقبل الامة الاسلامية وحمايتها من شرور الحاقدين وغدر الغادرين ولسد ثغرات ولوجهم إلى مراكز صنع القرار وإثارة الفتن وشق صف الأمة الى أحزاب وطوائف من خلال من يظهرون لنا ما لا يبطنون فهي كلام الله الذي لا يأتيه الباطل إنما الباطل يأتي من مخالفة نصوص آياته.
من سياق الآية وتتابع الحوادث على أرض الواقع يتبين لنا جليا أن مخالفة إرشادات المولى عز وجل واللهث وراء الحداثة الغربية هي السبب المباشر في فشل الأمة الإسلامية في الاستمرار في قيادة الأمم وسبب تقهقرها إلى الأسوأ في هذه الفترة بالذات.
إن مخالفة نصوص القرآن باتخاذ غربان اليهود والنصارى استشاريين من دون الحذر منهم هي جريمة بحد ذاتها يرتكبها المرء في حق الأمة أولا والوطن والرعية والعائلة والأسرة والنفس. فغربان الاستشارة الحاقدة والكارهة لنا ولديننا لن يهدوننا إلا إلى دار الخراب وإلى هدم قيم وأخلاقيات مجتمعاتنا التي يحلون بها.
ملوك ورؤساء وأمراء المسلمين يدركون ذلك تماما كما أنهم يدركون كم هم مسئولون تجاه الخالق على الاستمرار في تعاملهم، بعدما اتضحت النوايا، مع قتلة المسلمين في بعض الديار كأفغانستان والعراق ومخرجي المسلمين من أراضيهم بفلسطين ومع آخرين ظاهروا على إخراج المسلمين من أوطانهم ويعتبرون موالاتهم سياسة لاتقاء شرهم مع أن أولئك لا عهد ولا أمان لهم. ولعلنا بتلك السياسة لا نشتري الدنيا بالآخرة.
في السابق المشكلة كانت من صنع الحكام أما في الوقت الحاضر فالمشكلة اصبحت مشتركه بين الحكام والمستشارين وأصحاب النفوذ أو المحكومين الطامعين في الحكم إذ يستعين بعضهم بالغرب المسيحي بدل الاحتكام للدين أو يحلوا مشكلاتهم بحسب النصوص الإلهية فيما بينهم عندما يختلفوا أو يقتتلوا «وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما» (الحجرات:9). إلا أننا في الظاهر قد فقدنا بوصلتنا الإيمانية بالله فظللنا الطريق إلى اتجاهات غريبة نهدر ونحن نسير على جوانبها دم بعضنا بعضا.
مع كل الأسف الأمة الإسلامية باتت تفضل الاسترشاد بخريطة الطريق الغربية على النصائح والتعاليم السماوية فأضحت شعوبها وقبائلها في اقتتال دائم فيما بينها تهدر به ما حباها الله من ثروات ليجنيها المتآمرون عليها.
فها هي منابع النفط وثرواته تقع في أيديهم وبالمقابل يقع في أيدينا البؤس والقتل والاندثار.
إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"العدد 1688 - الجمعة 20 أبريل 2007م الموافق 02 ربيع الثاني 1428هـ