جدد الشيخ عيسى قاسم في خطبة الجمعة بجامع الإمام الصادق بالدراز انتقاده الشديد لمنح المتنفدين الأراضي الشاسعة وحرمان الفقراء والمحتاجين منها، مشيرا إلى أن «ذلك احد أسباب الغنى الحرام الذي يقيم طبقية فاحشة»، مطالبا بـ»سد باب هذا الغنى الحرام نهائيا وأعطاء المحتاجين من أرض الله حاجتهم بلا منٍّ ولا إهانة قبل أن يأتي الظلم على ما بنته أيدي الجميع».
من جهته تحدث خطيب الجمعة في جامع سار الكبير الشيخ جمعة توفيق عن خلق الحلم وتأثيره على حياة الإنسان ومعاملاته مع الناس، مشيرا إلى أن «الحلم دليل على هدوء وطمأنينة النفس، ودليل على كمال العقل وسعة الصدر»، مضيفا «ألا ترون العاقل يلام إذا ما تصادم مع جاهل أو مع من هو أدنى منه؟، ففي الحلم تأليف للقلوب ونشر المحبة بين الناس، وفي الحلم أجر عظيم عند الله تعالى لأنها صفة يحبها في عبده».
وذكر توفيق أن «الحلم خلق من الأخلاق الحميدة وما اتصف بها إنسان إلا مدح، وليس هناك أحلم من الله تعالى، يعصيه العباد فيرحمهم، ويعصونه سبحانه ويمهلهم، وأما سيرة نبينا (ص) العطرة فهي مليئة بالمواقف التي تبين حلمه (ص) على الناس»، منوها إلى أن «الحلم يظهر عند الشدائد فحينما يسب الرجل، فيحلم فلا يرد على من سبه كما فعل ابن عباس وكما فعل عمر بن عبدالعزيز مع الرجل الذي دهس رجله في ليل فقال لعمر: أأنت حمار؟ فقال: لا أنا عمر بن عبدالعزيز، ولم يعنفه ومنع أصحابه من إيذاء الرجل»، مؤكدا أن «المرء حتى يكون حليما لابد أن يتفكر في خصمه فقد يكون أقل منه درجة وأضعف قوة وأقل علما، فإذا كان كذلك فلماذا لا يكون حليما معه؟».
واضاف «ومن كان موظفا عندك وفي قدرتك ضره، فلماذا لا تكون حليما معه وهو أضعف منك؟ فالغضب لا يصلح مع هؤلاء، والحلم سيد من أسياد الأخلاق، وكلما ارتفع شأن المرء كان الحلم رفيقه وزينته»، موضحا أن «الحلم من صفات أسياد العرب، وما كانوا ينصبوا إلا من كان حليما».
إلى ذلك قال الشيخ عيسى قاسم في خطبة الجمعة ان «هناك إصلاحا عاما وجذريا، بينما هناك إصلاح يرتبط بحقل من حقول الاجتماع أو الاقتصاد والسياسة وغيرها، وقد يكون هذا الإصلاح سطحيا»، مضيفا «ونجد إصلاحا ينطلق تلقائيا من حكومة من الحكومات وبتقدير شخصي منها بالمصلحة ومن منطلق الإيمان بقيمة الإصلاح ومن خلال ارتباط هذه الحكومة بأطروحة تؤمن أساسا بأطروحة الإصلاح وقيمة الإنسان»، مردفا «بينما قد نجد قضية إصلاح لا تكون إلا عن مقاومة ومجاهدة وقد يستنزف هذا اللون من الإصلاح كثيرا من جهود شعب وحكومة (...)».
وأوضح قاسم أن «هناك إصلاحا مشهودا مكثفا يفرض نفسه على الأبصار والأسماع بينما، يأتيك إصلاح من نوع آخر شحيح وبالقطارة، وربما كان إصلاحا متفقا على أنه إصلاح يقابله إصلاح آخر يختلف على طبيعته بإختلاف انظار الأمم والشعوب والحضارات»، مردفا «كما ان هناك إصلاحا اقتصاديا قائما على سياحة منفلتة تدوس القيم وتهدم الدين أو من نوع حرية تتيح للإنسان أن يمارس شهوته على المكشوف بحيث تفسد حياة الإنسان المعنوية وتجهض فاعلية القيم في النفس وتأخذ بالإنسان على طريق الحيوان، فهذا النوع من الحرية يعد إصلاحا عند أمة وإفسادا عند أخرى(...)».
وتطرق بعدها إلى موضوع الغنى الحرام ومنه استغناء البعض عبر الاستيلاء على الأراضي بحيث ينعم بها المتنفدون ويزدادون ثراء، مشيرا إلى أن «هناك ألوانا من الغني الحرام وهذا واحد من أوضح ألوانه، في وقت يطلب فيه شبر الأرض بأغلى الأثمان والناس العاديون يبحثون عن موطىء قدم لسكناهم وتمنع الأرض التي للمحتاجين بحكم الرب على المحتاج وتقدم على طبق من ذهب لغنيٍ متبذخ أو باحث عن غنى طافر سريع يسعفه في ذلك تنفذه الجديد وتحقق له غنى واسعا ومفاجئا»،
واردف ان «أرضا بمساحة لا تحلم بها تبيع نصفها في أيام وتقيم بثمنها الكبير مشروعاتك الاستثمارية بالنصف الآخر وأنت تحرم بذلك عشرات الأسر من المحتاجين من أن يجدوا لهم قطعة أرض صغيرة يقيمون عليها مأواهم وتشارك في شقاء شعب واضطراب أوضاعه وسوء حياته». واوضح قاسم ان «هذا ما يسمى بغنى الراحة الذي لا يكلف جهدا ولاعرقا لانه غنى مسروق من جماهير محرومة وعلى حساب ضروراتها، غنى فيه فقر الآخرين وحرجهم وعذابهم وشقائهم الثقيل، غنى يمثل لغة صارخة بليغة في الظلم غنى لا يلتقي مع إصلاح (...)»، مؤكدا أنه «غنى يقيم طبقية فاحشة سيئة لا يكون معها أمن ولا استقرار»، مطالبا بـ»سد باب هذا الغنى الحرام نهائيا وأعطاء المحتاجين من أرض الله حاجتهم بلا منٍّ ولا إهانة قبل أن يأتي الظلم على ما بنته أيدي الجميع».
العدد 1688 - الجمعة 20 أبريل 2007م الموافق 02 ربيع الثاني 1428هـ