العجب كل العجب، بل الدهشة كل الدهشة مما يجري، بلد كالبحرين، صغير في مساحته، وقليل في سكانه، تهز أركانه كل يوم، بل كل ساعة جرائم تقشعر لها الأبدان، وتنخلع القلوب لبشاعتها.
خطف، وتهديد، واعتداء، وقتل.
محاولات لم يسلم منها حتى الأطفال الأبرياء.
والسؤال الذي يتكرر صباح مساء: أين نحن يا إخوة؟
هل حقا نحن في البحرين؟ البحرين ذات الشعب الوديع الطيب المسالم الذي لم يعرف الجريمة خلال تاريخه الطويل، إلا ما قل وندر؟
كيف تحول الأمن إلى خوف؟ خوف على الأعراض والأنفس والأموال والممتلكات؟
خوف على الأبناء والبنات، الكبير منهم والصغير.
جرائم في وضح النهار، من دون خوف من الله، أو حياء من الناس، أو رادع من ضمير. جرائم لم تسلم منها مدينة أو قرية. الكل اكتوى ويكتوي من هذه الجرائم والكل تألم ويتألم لما يرى ويسمع من حوادث خطيرة ينفذها شباب من هذا الوطن، لا يعرف أحد بالضبط ماذا يريد هؤلاء من جرائمهم غير المبررة.
في بعض البلدان هناك صحف ومجلات خاصة بالجرائم التي تحدث يوميا: سرقات، اختطافات، قتل، إلى غير ذلك.
وكان الواحد منا يستغرب وهو يتصفح تلك الصحف المجلات، ويدعو الله أن يجنب بلدنا - وغير بلدنا - تلك الشرور ليعيش الناس في أمان. ومضت الأيام والسنون، وإذا نحن نعيش الكوارث نفسها التي كنا نقرأ عنها كل يوم هناك، وأصبحت لدينا صفحات خاصة بالحوادث على اختلاف صنوفها، وكأننا في بلد آخر غير البحرين.
إن ما يحصل اليوم في بلدنا، بالتأكيد لا يعني الحاجة، إذ إن هناك ألف طريق وطريق حلال لسد العوز والحاجة، ثم... هل خطف ولدين صغيرين من المحرق وأخذهما إلى بعض القرى، بنية مبيتة للاعتداء الجنسي عليهما، ثم الحرق والدفن، هل يعني الحاجة أم أنها النفس الأمارة بالسوء؟
إن الأمر بات يستدعي من العلماء والمفكرين والباحثين والمهتمين بشئون المجتمع وجميع المسئولين في الدولة التدخل والمسارعة لدراسة ما يحصل عندنا، والبحث عن الأسباب ووسائل العلاج بأسرع ما يمكن إذ إن الوضع الخطير يتطلب ذلك، فالظاهرة تنتشر انتشار النار في الهشيم، ونحن نتفرج في أكثر الأحيان أو أننا غير مبالين بما يحدث، هل هذا معقول؟
كما أن هذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعنا؛ ظاهرة الجريمة. تحتم على مؤسسات المجتمع الفاعلة كالمسجد والمأتم والجمعية والنادي وغيرها أن تبذل ما في وسعها لتنوير شباب المجتمع والأخذ بيده إلى جادة الصواب والصلاح، فالكل مسئول بحسب موقعه، وبحسب تأثيره في من حوله، وليس هناك فرد معفي من المسئولية، «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته».
أجل... الكل مطالب أن يضع هذا السؤال الكبير أمامه ويجيب عليه بموضوعية «الجرائم تتوالى فماذا نحن فاعلون»؟
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 1687 - الخميس 19 أبريل 2007م الموافق 01 ربيع الثاني 1428هـ