العدد 1687 - الخميس 19 أبريل 2007م الموافق 01 ربيع الثاني 1428هـ

موريتانيا... زعلانة!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في صباح أحد أيام أغسطس 2005، أذاعت الفضائيات العربية خبرا عاجلا عن الإطاحة بمعاوية ولد سيدي الطايع، الذي كان في زيارة لدولة عربية للمواساة برحيل قائدها. كان الانقلاب تكرارا لسيناريو قديم، فمعاوية جاء إلى الحكم على دبابة، وغادره على دبابة أيضا، «فكما تدين تدان»!

الجديد الذي فاجأت به موريتانيا أمتها العربية، أن قائد الانقلاب العقيد علي ولد محمد فال، وعد بإجراء انتخابات حرة بدت للشعوب العربية مزحة لا تصدّق، بينما تمنّت الحكومات العربية من أعماق قلوبها وأخذت تدعو ربّها أن يكون ذلك مجرد شائعة، أو مناورة على الطريقة العربية: «وعدٌ في الليل، وزبدةٌ في النهار»!

الوعد مثل تحديا كبيرا لصدقية وشرف جنرالات موريتانيا، ولذلك أعلن «المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية» عن «التزام القوات المسلحة الخدمة وبإخلاص للمؤسسات الجديدة لدولة القانون».

الرئيس الجديد ولد الشيخ عبدالله أقسم اليمين الدستورية على المصحف الشريف أمام المجلس الدستوري في قصر المؤتمرات، رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية، وأطلقت المدفعية 21 طلقة احتفالا بالمناسبة. وحضر هذا «العرس الديمقراطي» سبعة رؤساء أفارقة (السنغال، مالي، بوركينافاسو، النيجر، الرأس الأخضر، غينيا بيساو، وتوجو)، بينما لم يحضر أيٌّ من الزعماء العرب الذين يزيد عددهم على العشرين. طبعا قد يكون لكلٍّ منهم سبب أو عذر، فـ «الغائب حجته معاه»، ولكن الموريتانيين (حاطين في خاطرهم واجد)، فهم الذين يقفون بحماسة مع قضايا الأمة العربية، ويتفاخرون بأن نصف رجالهم يقرضون الشعر بلغة عربية فصحى، ولكنهم لا يلقون من أمتهم غير الهجران والصدود!

بعض الموريتانيين يقول بلغةٍ عفويةٍ نترجمها إلى اللغة الخليجية: «إشمعنه ما يجون لنا، وإحنا نروح لهم طوّالي في كل فرح أو ترح، لا يكون يشوفون نفسهم»، ويضيفون بالمصرية:«ترى ما فيش حد أحسن من حد»!

بعضهم فسّرها تفسيرا جغرافيا طبقيا، فلكونهم يعيشون في طرفٍ قصيٍّ على شاطئ الأطلسي، قد ينظر إليهم عرب القلب (على ضفاف النيل أو الفرات أو العاصي أو حتى عين عذاري...)، باعتبارهم أقل شأنا ومالا، مع أنهم يملكون ثروات سمكية ومعدنية... حتى النفط بدأوا بإستخراجه. ويقولون: «صحيح أن موازنتنا على قد الحال، فخزانتنا العامة يبلغ رصيدها 140 مليون دولار فقط، وعائدات النفط تبلغ 71 مليون دولار لا غير، إلاّ أن هذا لا يدعو إلى الكبر، فالكبر لله وحده»!

كان هناك تفسير «عرقي» أيضا، باعتبار «إحنه أيضا قبائل، وقبائل عربية، وما فيه قبيلة أحسن من قبيلة... ولا فخذ أحسن من فخذ، فبينما أفخاذكم تسرع نحو التطبيع الجماعي، فإن الفخذ الموريتاني يفكّر في قطع العلاقات مع (إسرائيل)»! ويستشهدون بقول الرئيس الجديد: «لا أرى أن العلاقات مع (إسرائيل) لها مبرر، لعدم وجود دوافع موضوعية مثل الجوار والارتباط بمصالح خاصة أو قبول الموريتانيين لها».

أما التفسير الأخير، فقد طرحه أستاذ القانون في جامعة نواكشوط، سيدي أحمد ولد سيدي محمد (فالكل سادة هناك مو مثلنا)، بقوله: «غياب العرب له تفسير واضح، فالقادة العرب لا يريدون انتقال العدوى الديمقراطية إلى بلدانهم أو حضور حفل يشهد تنازل رئيس عن السلطة لتسليمها لرئيس ينتخبه الشعب».

لا تذهب بعيدا يا سِيدِي أحمد، واطمئن... فنحن محصنّون جيدا ضد وباء «الديمقراطية» حتى ولو جاءت العدوى من جهنم الحمراء!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1687 - الخميس 19 أبريل 2007م الموافق 01 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً