العدد 2254 - الخميس 06 نوفمبر 2008م الموافق 07 ذي القعدة 1429هـ

آخر فرصة لإنهاء الانقسام الفلسطيني

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

ببساطة، لا يستطيع الفلسطينيون الاتفاق على شيء. تبدو المبادرة المصرية الأخيرة لإحضار جميع الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري مهددة لأن الفصيلين الرئيسيين (فتح وحماس) فشلا في الاتفاق على حل وسط، مقارنة بالتعليقات الإيجابية التي صرح بها الأسبوع الماضي الرئيس الفلسطيني زعيم «فتح» محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، يقوم كل من الطرفين بمهاجمة الطرف الآخر مرة أخرى.

تعرضت الوساطة التي يديرها مدير المخابرات المصري الجنرال عمر سليمان لصعوبات؛ لأن عباس رفض عقد لقاء ثنائي قبل مؤتمر القاهرة، وهو طلب تقدم به المصريون نيابة عن حماس. حتى الآن، تبدو التكهنات بإنهاء الانقسام الفلسطيني بعيدة عن التحقيق.

وإذا تم عقد المؤتمر في القاهرة هذا الشهر فستتعامل الأجندة مع خمسة موضوعات رئيسية على الأقل، اتفقت جميع الأطراف على بحثها من حيث المبدأ. ستتعامل خمس لجان مع القضايا الآتية: تشكيل حكومة تسوية، إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية القديمة، الإعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية جديدة، إعادة بناء النظام الأمني، وأخيرا إعادة غزة إلى أوضاع ما قبل يونيو/ حزيران 2007.

كما يرغب المصريون برؤية حل سلمي لقضية شاليط، الجندي الإسرائيلي الذي تعتقله حماس في غزة منذ يونيو 2006. من الطبيعي أن مصر تريد أن يعود لها الفضل بإطلاق سراحه.

تمكن حزب الله من إتمام صفقة تاريخية مع «إسرائيل» في يوليو/ تموز الماضي بعد أن نجح بإطلاق سراح خمسة سجناء لبنانيين ورفات مائتي فلسطيني ولبناني مقابل رفات جنديين إسرائيليين. وتأمل حماس الآن بتحقيق نصر مماثل لمئات من الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. صفقة كهذه ستُخجل السلطة الوطنية الفلسطينية وتزيد في سحب الصدقية من عباس، الذي حققت جهوده في جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي المغادر إيهود أولمرت يطلق سراح آلاف المعتقلين الفلسطينيين مكاسب متواضعة فقط.

موضوع آخر ترغب حماس في إضافته إلى الأجندة هو إنهاء حصار غزة وفتح معبر رفح مع مصر. حتى الآن لم تجد مطالب حماس أذنا مصرية صاغية ولم يجر فتح المعبر إلا أمام حالات إنسانية بعد أن وصلت غزة إلى نقطة حرجة.

الانقسام الفلسطيني عميق ويرجع إلى سنوات طويلة. تتهم حماس فتح وأتباعها بالتآمر مع «إسرائيل» والولايات المتحدة على تدمير الحركة الشعبية الإسلامية. قبل أكثر من سنتين قررت حماس دخول الانتخابات التشريعية وصدمت العالم عندما أنهت سيطرة فتح التقليدية على المجلس التشريعي والكثير من البلديات. وقد اضطر عباس لأن يطلب من إسماعيل هنية، زعيم غزة، تشكيل الحكومة.

كان لانقلاب حماس أثر مدمر على الفلسطينيين في كل مكان. فقد أنهى حكم السلطة الوطنية الفلسطينية على قطاع غزة، وأوجد كيانين فلسطينيين في المناطق المحتلة تتنافسان على السلطة والتأثير. ردت السلطة الوطنية الفلسطينية باعتقال ناشطي حماس في الضفة الغربية وإغلاق مكاتب الحركة، ومطاردة المنظمات التي يعتقد أنها متعاطفة مع الإسلاميين. أعلنت «إسرائيل» بدورها غزة «كيانا معاديا» وأطلقت هجمات وحشية ضدها قبل أن تقوم بإغلاقها بشكل كامل.

في هذه البيئة المرّة المعادية حاول كلا الطرفين الفلسطينيين سحب المصداقية من الطرف الآخر، على حساب شعبهما في معظم الحالات. استمرت «إسرائيل» في خنق غزة اقتصاديا بينما زادت من سيطرتها على الضفة الغربية. وحتى عندما قال أولمرت إنه سيستمر في التعامل مع عباس كممثل شرعي للفلسطينيين، فهو لم يتجاوب أبدا مع طلبات الفلسطينيين لإزالة مئات الحواجز في الضفة الغربية وإطلاق السجناء الفلسطينيين أو تحقيق تقدم في المفاوضات من أجل السلام، التي انتعشت في أنابوليس بأميركا السنة الماضية.

من جانبها، فشلت حماس في إنهاء هذا الحصار، على رغم أنها خضعت أخيرا ووافقت على صفقة بوضع حد لإطلاق صواريخ القسام ضد بلدات جنوب «إسرائيل» مقابل تخفيف الحصار الإسرائيلي. ولكن تحت حكمها ازدادت مصائب غزة سوءا كواحدة من أفقر المناطق في العالم وأكثرها كثافة سكانية.

مع تغيّر السلطة في «إسرائيل» وتراجع التأثير الأميركي لإدارة الرئيس بوش، قد تحقق المبادرة المصرية نجاحا أفضل. أعربت سورية والأردن في الأسابيع الأخيرة عن دعمهما لجهود القاهرة لإنهاء هذا الانقسام. بدأ عباس يشعر بالضغط لأن العملية السلمية ساكنة ولأن فترته الرئاسية شارفت على الانتهاء في نهاية يناير/ كانون الثاني. كما أن «حماس» واقعة تحت الضغط بينما تسوء الأحوال الإنسانية في غزة وتتراجع شعبيتها في المناطق المحتلة بسرعة. لقد أصبحت التسوية أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.

سوف يتوجب على المتشددين في «فتح» قبول الواقع القاسي الذي كشف عنه الناخبون الفلسطينيون قبل أكثر من سنتين عندما صوت الناس ضد العديد من ممثليهم. سيتوجب عليهم تجاوز كرامتهم وقبول المشاركة في السلطة مع حماس. سيتوجب على حركة المقاومة الفلسطينية أن تدرك أن السيطرة على غزة لن تساعد القضية الفلسطينية، وأن عليهم هم أيضا أن يخففوا من طروحاتهم وأن يعطوا السلطة الوطنية الفلسطينية مساحة هي بحاجة لها بشدة لمتابعة المفاوضات مع «إسرائيل» في عالم آخذ بالتغير بسرعة.

* صحافي مخضرم من الأردن، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2254 - الخميس 06 نوفمبر 2008م الموافق 07 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً