عندما يختبر الفنان جميع الأفكار المحيطة به، لا تعود التجارب الاعتيادية كافية للتعبير عنه ولاعن هويته ولا عن مكنونات نفسه، فيبدأ بالخروج من الشرنقة الملونة؛ ليكتشف عالمه الخاص، وليتمكن من إخراج طاقاته الفنية والتعبير عن نفسه بأسلوبه، ووفق الهوية التي يتصورها لنفسه.
الفنانان العراقيان غسان غائب ونزار يحي اللذان افتتحا معرضهما الأسبوع الماضي في صالة البارح للفنون التشكيلية، برعاية محافظ محافظة العاصمة الشيخ حمود بن عبد الله آل خليفة، قاما باستغلال المتناقضات في عمل لوحاتهما، موظفين عددا من الأشياء المحيطة بالإنسان في حياته اليومية، بأسلوب وطريقة خاصة تعكس خلاف ما هو معتاد ومتوقع في هذه الأشياء.
عجز الفنان نزار يحي عن إيجاد مسمى للأسلوب الفني الذي يستخدمه وزميله في أداء أعمالهما «التجريد، التجريدية التعبيرية، الواقع المجرد، كلها مسميات قديمة، وأعمالنا خليط بين الرسم والنحت في مجملها وتمثل أعمالا خشبية مغطاة بقماش يتم الرسم عليه، إلى جانب توظيف بعض الأفكار من الطبيعة باستخدام مواد خام في الأعمال».
يحمل المعرض مسمى السالب والموجب، ويأتي هذا الاسم لاشتغال الفنانين على فكرة التضاد في الأعمال، بتقديم نزار لـ (البارز والغائر) وتقديم غسان لـ (الناعم والخشن)، إذ يشكل هذا التضاد اللمسة الجمالية في الأعمال المقدمة في المعرض.
نزار يقول: «أفكارنا عبارة عن التطرف في استخدام الفن، فما عاد الناس يستخدمون الأساليب القديمة في أعمالهم، فقد دخلنا مرحلة ما بعد الحداثة، فأعمالنا قد تكون نحتا وليست رسما، أو رسما وليست نحتا».
متحدثا عن أعمال زميله في ظل غيابه عن المعرض، ذكر نزار بأن غسان غائب من خلال أعماله يعرض على المشاهد الأشياء الاعتيادية في الحياة اليومية بشكل آخر، ويستخدم الخامات الطبيعية كالليف والفحم لإخراج عمل جمالي، كتوظيفه للسجاد في استخدام آخر «اليوم قدّم غسان السجاد لكي نراه ونستمتع به وليوصل لنا أفكاره، وليس لتطأه أقدامنا».
ولتوضيح استخدام مواد كالفحم في أعمال زميله، أوضح نزار قائلا: «الفحم كميائيا مادة صلت لحالة من الاستقرار، وغسان استخدم طبيعتها المتكسرة مع الألوان ليبرز قيمة اللون باستخدام الفحم».
الفنان العراقي أحمد البحراني شاركنا الحوار، مضيفا «ما عادت المواد ترضي رغبة الفنان للتعبير عن ذاته، وخصوصا مع العصرنة والعولمة في الوقت الحالي، فوصل غسان إلى مرحلة الفحم والكبريت والليف ليرضي رغبته كفنان، وقد يقدم أي فنان عملا لا ينتمي للرسم التقليدي، ليصبح بحثه الفني الخاص به».
واختتم الفنان البحراني الحوار بكلمة، وصفها بكلمة حق يجب أن تذكر، قائلا: « كلمة حق يجب أن تقال بحق المشهد الثقافي البحريني، فقد أصررت على أن يأتي الفنانان نزار وغسان للبحرين، وذلك لأهميتهما وأهمية تجربتهما، إلى جانب أهمية المكان الذي سيعرضان فيه، إذ إن الفنان عندما يأتي للبحرين، ينبهر بالمشاهد غير التقليدية، وهذا غريب على المنطقة في مستوى الوعي لدى المتلقي البحريني، وأنا أتمنى لكل فناني العالم المرور بالبحرين»، مختتما حديثه بتوجيه الشكر لمركز البارح على نهجه في اختيار الفنانين المشاركين في معارضه.
العدد 1686 - الأربعاء 18 أبريل 2007م الموافق 30 ربيع الاول 1428هـ