تطور فن الخط العربي، وأصبح وسيلة الفنان التي يعبّر من خلالها عن فلسفته وعن روحه الإنسانية التي تبرزها تلاوين الخلفيات المستخدمة في اللوحة، إلى جانب نوع الخط وأسلوب الكتابة، والعبارة التي يعشق بها العمل.
أهمية الخط بما يمثله من أسلوب فني له خصائصه التي تميزه من باقي الفنون التشكيلية، أمر دفع إدارة نادي الفنون الجميلة بجامعة البحرين إلى تخصيص معرِض خاص به في الحرم الجامعي، قام على إعداد لوحاته خمسة من طلبة الجامعة، تميز كل منهم بأسلوب خاص في تقديم أعماله ولمسات إبداعية متفردة لكل منهم.
«في المعرِض السنوي الذي يقيمه النادي يتم عرض كل أعمال الأعضاء بما يشمل أعمال النحت والخط والرسم» بذلك استهل رئيس النادي سيدحسن الساري حديثه، مضيفا «الرسم كان مسيطرا على الدوام، وقد رغبنا نحن في إدارة النادي في أن يأخذ الخط حقه، فمن الصعوبة عرض لوحات الخط بجانب الرسومات، فقررت الإدارة إقامة معرِض خاص للخط، ومعرِض شخصي لأحد الأعضاء، إلى جانب المعرِض السنوي العام».
الفنانون وفق أساليب مختلفة
ثلاثة من أصحاب اللوحات كانوا منشغلين بحضور محاضراتهم، وكان الساري والمشارك أيمن جعفر متكفلين بشرح تفاصيل اللوحات المعروضة، والأساليب المتبعة في كل منها بالإنابة عن المشاركين الثلاثة المتبقين، إذ يشارك في المعرِض إلى جانب الساري وجعفر، الفنانون عيسى السعيد، حسين الشجار وحسين المحفوظ، وتم إعداد وانتقاء أعمال كل منهم بشكل مسبق؛ ليتم تنسيق كل قسم وفق الأسلوب الخاص بالفنان من الزخرفات والخلفيات ونوعية الخطوط المستخدمة.
«عيسى السعيد وظّف في أعماله أسلوب المحاكاة، أي تقليد أعمال الخطاطين القدامى ومحاكاتهم» بذلك عرّف أيمن أسلوب زميله، منتقلا إلى تعريف أسلوب حسين المحفوظ بالقول: «المحفوظ كان قد وظّف الأسلوب الكلاسيكي التقليدي من خلال كتابات السطر الواحد في أعماله».
أما الفنان الثالث - الذي كان متغيبا وهو حسين الشجار - فقد وصف زميلاه أسلوبَه بأنه «يمزج تركيبات في بعض الأحيان، ويستخدم نظام السطر الواحد أحيانا أخرى، إلا أنه يعتمد أسلوب وضع كتلة ذات شكل محدد، ثم الخروج منها كالكتابة على شكل مستطيل مزخرف، من دون الاعتماد عليه إطارا».
منتقلا إلى أسلوبه، يصف أيمن أعماله بأنها «مجموعة من التركيبات الخطية، تهدف إلى البحث في جماليات الخط والخروج عن الأسلوب الواحد»، قائلا: «في بادئ الأمر أحدد الشكل، ثم أرص الحروف فيه متعمدا الخروج عن الشكل الأساسي ليشكل الكلام شكله الخاص»، ويضيف «ادمج في أعمالي خطوط الثلث، الديواني الجلي، الإجازة الفارسي والشكستة، إضافة إلى خط إضافي مبتكر، في محاولة لدمجها لإعطاء تصور من ناحية الكتلة والشكل لإخراج جمالية العمل، مع إشراك حرفين في حرف واحد».
أخذ أيمن الإذن من الساري كي يقوم بتعريف أسلوبه بالإنابة، فاسترسل بالقول: «سيدحسن استخدم أسلوبا تشكيليا في لوحاته، فدمج الحروف العربية مع خلفيات بأسلوب الغرافيك (الطباعة اليدوية)، وذلك في بعض اللوحات، إلى جانب استخدام أسلوب المحاكاة في لوحات أخرى».
الساري تسلم دفة الحوار مدافعا عن لوحاته بعد ملاحظة طارئة على حجمها الصغير بالمقارنة بباقي اللوحات، فقال: «لا تقاس جمالية العمل بحجمه، وعلى رغم ذلك فلوحات الغرافيكس متعارف أنها صغيرة الحجم؛ بسبب صغر الأدوات المستخدمة، فإن جماليتها تكمن بهذه الصورة وهذا الحجم».
التجربة المميزة للمعرِض
أيمن وجد في هذا المعرِض الفرصة ليبلور أسلوبا معينا كان يرغب في تطويره مذ مدة طويلة، إذ كانت له تجربتان سابقتان في المعارِض السنوية التي يقيمها النادي في العامين 2005 و2006، وعبّر عن ذلك بالقول: «في المعرِض الأول استخدمت الورق والقصبة فقط، وفي الثاني مزجت الأسلوب الكلاسيكي والتشكيلي مع خلفيات ملونة، أما في الثالث فقد ركزت على جماليات الخط وتوظيف اللون وإيحاء الخلفية بما يشكل جزءا من الموضوع، بحيث يتوزع التركيز بين لون الخلفية والخط». وأتى بحث أيمن في جمالية الكلمة الواحدة في لوحة «مدهامتان» بالخروج عن نطاق التقليدية في الخط وكسر روتينية الشكل بتوظيف شكل قطرة الماء غير المكتملة، مستغلا في ذلك جمالية تَكرار حرفي الألف، وصولا إلى حرف النون ذي النقطة المميزة. يوضح الساري مقصده من خربشات الأطفال بالقول: «في الأحياء القديمة نجد على الجدران خربشات الأطفال - بعفويتها الجميلة - حاضرة في أماكن التجمع، وتستخدم فيها صبغات تقليدية، وأنا أجد في هذه العفوية فنّا يصعب تقليده»، مضيفا لتوضيح جانب آخر في هذه المسألة «الطفل يملك إحساسا وشعورا غير مدركين، يحاول توصيلهما عبر القلم، فيرسم خطوطا عشوائية غير مفهومة ولافتة، بهذا الأسلوب يسجل مذكراته ويعبّر عن ذاته، إلا أنه يعجز عن فهم ما كتب ومن حوله يعجزون عن ذلك أيضا، إلا أنه يعطينا أثرا جميلا».
العدد 1686 - الأربعاء 18 أبريل 2007م الموافق 30 ربيع الاول 1428هـ